الإعلان عن أول مهرجان للغة العربية لدعمها وتطويرها، كان محور المؤتمر الصحفي الذي عقدته مؤسسة الفكر العربي وجمعية "فعل أمر" أمام مسرح المدينة في شارع الحمرا ببيروت أمس بحضور وزير الثقافة اللبناني سليم وردة. وأكد وردة على أهمية هذه التظاهرة الثقافية التي تأتي في اختتام فعاليات بيروت عاصمة عالمية للكتاب، وركز على دور المجتمع المدني في إطار تعزيز القراءة بين أبنائنا وكسر فكرة "الفرنجي برنجي"، مشدداً على ضرورة الاهتمام باللغة العربية ودعمها والإسهام في النهوض بها والاستثمار فيها، لافتاً إلى أن اللغة العربية هي لغة حيّة وأداة اتصال ونقطة التقاء بين العرب وشعوب كثيرة أخذت عن العرب جزءاً كبيراً من ثقافتهم. أما وزير التربية اللبناني حسن منيمنة فاعتبر أن شعار المهرجان "نحن لغتنا" يجعل اللغة مدخلاً لاكتشاف ذاتنا والتعرّف إلى سماتها الثقافية والحضارية، ويقيم شرطاً لازماً بين تقدم الذات الفردية والجماعية من جهة وإحياء لغتنا العربية من جهة ثانية. وقال: "نحن لغتنا" لأننا نرى العالم بها ومن خلالها، ولأن حقيقتنا تجّليها ألفاظنا ولأن بقاءنا كثقافة متميزة متوقف على عربيتنا الناطقة، داعياً لاستنفار الجهود وإطلاق المبادرات والأنشطة لبث الحيوية في لغتنا ومصالحة أجيالنا القادمة معها. بدورها شددت رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري على أهمية المهرجان وتقديم اللغة العربية بطريقة خلاقة وإبداعية، واعتبرت أن هذه المبادرة ستؤثر حتماً في إنتاج اللغة وتطويرها بأساليب عصرية. ونقل أمين عام مؤسّسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم تحية وتقدير رئيس مؤسّسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل الذي أطلق من بيروت قبل عشر سنوات الدعوة لمؤسّسة عربية تضع تنمية الاعتزاز بهوية الأمّة على قمة أولوياتها. واعتبر أن المغزى لهذه المبادرة هو أن تستعيد العربية اعتزازها وثقتها وزهوها واستعمالها وألقها.. أن تعود العربية تمرح على ألسنة أطفالنا وتختال في حوارات شبابنا.. أن نضع حداً لاغترابها في ديارها. فليس أصعب وليس أقسى من أن تنكر أمّة لغتها وإلا فهي تتنكر دون أن تدري لذاتها.. المغزى أن ندرك جميعاً أننا حين ندافع عن لغتنا فنحن ندافع عن إرث حضاري إنساني عريق ومجيد. وأكد اهتمام المؤسّسة وضع قضية اللغة العربية في قلب أي مشروع نهضوي عربي، هذا ما فعله غيرنا في الحفاظ على لغاتهم دون أن يفقدوا تواصلهم مع العصر أو ينقطعوا عن حركة التقدّم، مشيراً إلى أن الصين التي أصبحت اليوم ثاني أكبر قوّة اقتصادية في العالم، تُدرّس فيها كل العلوم باللغة الصينية التي هي لغة التعليم في المدارس والجامعات حتى في أكثر التخصّصات حداثة وتعقيداً، أما الكيان الصهيوني فقد استخرج من جوف التاريخ لغة منسيّة لا يتحدث بها سوى خمسة عشر مليون فرد ليجعلوا منها هي وليست الإنجليزية أو الفرنسية أو غيرها لغة التعليم في المدارس والجامعات حتى في التخصصات العلمية الدقيقة. وأضاف عبدالمنعم: ليس صحيحاً أن استخدام العربية كلغة تعليم يمكن أن يحول دون مواكبة العصر وملاحقة التقدّم العلمي، كما ليس صحيحاً أيضاً أن الاهتمام باللغة العربية هو دعوة للانغلاق أو التعصّب أو الحدّ من الانفتاح على اللغات الأجنبية، فليس هناك ما يمنع من الاعتزاز بلغتنا والإلمام بلغات أجنبية في الوقت ذاته، ولعلّ لبنان يقدم النموذج العربي الأكثر نجاحاً في هذا الشأن، ولو مقارنة بمجتمعات أخرى. وكانت رئيسة جمعية فعل أمر سوزان تلحوق قد ألقت كلمة افتتاحية أكدت فيها أن الهدف من مهرجان اللغة العربية الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع جمعية "فعل أمر" في 26 يونيو الجاري، هو تزويد الأطفال والجيل الناشئ بأنشطة ثقافية تشكّل مساحة لإنتاجهم وإبداعاتهم في وقت يبتعد فيه عن الذاكرة كل ما يتعلق بالهوية والانتماء واللغة والتراث، كما أكدت حرص الجمعية على العمل كمجتمع مدني وكناشطين من أجل إحداث تغيير على أرض الواقع يتعلق بخجل وعدم ثقة الشباب بلغته، وأعلنت أن المهرجان سيصبح تقليداً سنوياً يوضع على الأجندة الوطنية الثقافية، وهو سيتضمن هذا العام أنشطة للأطفال والكبار من بينها سباق الأحرف وعرض خاص بالخط العربي، إضافة إلى عروض فنية وموسيقية وتشكيلية على مدى يوم كامل في شارع الحمرا الرئيسي.