تبنت الإدارة الأميركية حزمة من الإجراءات الموجهة ضد النظام السوري وذلك بعد أن اتخذت قرارا بالتصعيد ضد دمشق الأسبوع الماضي في اجتماع عقد بالبيت الأبيض وحضره عدد من مسؤولي الأمن القومي بالولاياتالمتحدة، غير أن تلك الإجراءات تجنبت دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لمغادرة الحكم واقتصرت على دائرة المحيطين به حتى الآن، انتظارا لما ستسفر عنه الأحداث. وتتضمن الإجراءات التوجه إلى مجلس الأمن لإصدار بيان رئاسي يدين القمع الذي تمارسه السلطات السورية ضد المحتجين، وقرار رئاسي أميركي يتعلق بتصعيد العقوبات، وقائمة تصدرها الإدارة تتضمن أسماء عدد من المسؤولين السوريين البارزين ممن ستشملهم العقوبات بالاسم، حيث أفيد أن ماهر الأسد شقيق الرئيس يأتي في طليعة هذه الأسماء. وفي سياق متصل أعلن المتحدث باسم المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف أنَّ مجلس حقوق الإنسان سيعقد غدا جلسة خاصة حول وضع حقوق الإنسان في سورية بناء على طلب تقدمت به الولاياتالمتحدة. والحد الأدنى المطلوب لعقد جلسة خاصة هو موافقة ثلث الدول الأعضاء، أي 16 من 47 دولة عضو. وإلى جانب الولاياتالمتحدة، وقعت على مُذكرة الدعوة لعقد الجلسة الخاصة 10 دول أوروبية منها بريطانيا وفرنسا، فضلا عن اليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وزامبيا والسنغال. واعترف مسؤولون أميركيون في تصريحات لأجهزة إعلامية بأن التقديرات الاستخبارية الأميركية أشارت في بدء تصاعد الاضطرابات في سورية إلى أنه من غير المحتمل أن تصل جدية تلك الاضطرابات إلى المستوى الذي وصلته بعد ذلك. وقال مسؤول كبير في الإدارة "ما حدث كان مفاجأة مما جعل من التعامل معه أمرا صعبا". وتابع "كان تزايد وتيرة وحجم الاحتجاجات سببا في اقتناعنا بأن الأسد لم يعد مستعدا للإنصات لأي صوت آخر. فقد عقد العزم على مواجهة المتظاهرين. ويعني ذلك تصاعد حدة العنف، وهو أمر حسم موقفنا المتردد". وفي بروكسل قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إن حكومات الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ستناقش إمكانية فرض عقوبات على سورية غدا مع بحث مختلف الإجراءات. وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية مايكل مان للصحفيين "كل الخيارات مطروحة على الطاولة". وكانت ألمانيا ذكرت في وقت سابق أمس أنها تؤيد فرض عقوبات على سورية. ومن جهتها عرضت هولندا على الاتحاد الأوروبي تقديم مقاتلات إف 16 لفرض حظر لتصدير السلاح إلى سورية، "وذلك حال اتفاق دول الاتحاد على تنفيذ جملة عقوبات ضد نظام الأسد". وقال وزير خارجية هولندا يورى رونتال، إن بلاده مستعدة للقيام بذات الدور الذي تؤديه الآن مع ليبيا. كما أعلنت باريس أن "استدعاء سفيرة سورية في باريس للتأكيد على إدانة قمع نظام دمشق للتظاهرات يندرج في إطار خطوة تم التنسيق بشأنها مع بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا". وعلى صعيد الوضع الداخلي أعلن 30 عضوا في حزب البعث الحاكم في بيان استقالتهم احتجاجا على ممارسات أجهزة الأمن. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد أنه جمع أسماء 453 مدنيا على الأقل قتلوا خلال ستة أسابيع تقريبا في الاحتجاجات. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن الأسماء المتوفرة لدى المرصد لقتلى في درعا ودمشق وريف دمشق والساحل. وفي دمشق أفاد شهود عيان عن تحرك قافلة من 30 دبابة على الأقل على حاملات دبابات في الطريق الدائري بالعاصمة. ودعا ناشطون سوريون معارضون للنظام إلى القيام بتحول ديموقراطي حقيقي في البلاد أو مواجهة "ثورة شعبية" تطيح به. وأطلق الناشطون في البيان ما أسموه "المبادرة الوطنية للتغيير" وهدفها حصول "تحول آمن نحو الديموقراطية في سورية"، مؤكدين حصولهم على تواقيع 150 معارضا داخل سورية. وقال البيان "إن سورية اليوم أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما أن يقود النظام الحاكم نفسه مرحلة التحول الآمن باتجاه التحول الديموقراطي، ويحدونا أمل كبير في أن يمتلك النظام الشجاعة الأخلاقية التي تدفعه إلى انتهاج هذا الخيار، أو أن تقود مرحلة الاحتجاجات الشعبية إلى ثورة شعبية تسقط النظام وندخل بعدها في مرحلة التحول بعد موجة من العنف والاضطرابات".