الزائر لمعرض أشهر خطاطي المصحف الشريف قد يكون صعبا عليه أن يميز بين لوحات الخطاطين الذين جاؤوا من مختلف أنحاء العالم، رغم التباين الثقافي في المدارس والمذاهب وطريقة التناول للحرف "العربي" الإسلامي، لكنه لن يفوّتها كفرصة للتمتع بجماليات الحرف العربي. فإبداعات أشهر خطاطي المصحف الشريف حول العالم الذين يتحلقون الآن حول مهنتهم في ملتقى المدينةالمنورة بمختلف مشاربهم تمثل شكلا من تجليات صمود الحرف القرآني الذي تؤكده عشرات اللوحات التي ترتص هذه الأيام جنبا إلى جنب في المعرض المقام بفندق"ميرديان المدينة" ضمن فعاليات "ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم" والذي يشارك فيه خطاطون يمثلون 31 دولة. وبقدر حجم التحولات السياسية والثقافية التي مر بها العالم الإسلامي منذ بزوغ فجر الإسلام في مكة، والذي كان إيذانا بتحولات كبرى في حياة أهل مكة خاصة، والعالم بصفة عامة، بقدر ما كانت عناية الإسلام فائقة بالكتابة -كما تكشف مدونات الخط العربي- لارتباطها بالحياة الجديدة. رئيس جمعية الخطاطين العراقيين أستاذ الخط العربي بقسم الفنون الجميلة بجامعة بغداد الدكتور روضان بهير أشار إلى أن العلاقات والصلات بين الخطاطين حول العالم تعد من أوثق الصلات والتي تتفوق حتى على العلاقات العائلية، مشيرا إلى أنهم تعودوا أن يتابعوا أخبار بعضهم البعض في جميع المنتديات التي يشارك فيها الخطاطون، نافيا تأثر الخط العربي بما يشهده العالم من متغيرات، مؤكدا أنه ظل صامدا ومحافظا على روح التجديد داخله عبر إبداعات مشاهير كتبة المصحف الشريف. ويرى مدير شبكة المبدعين الخطاط أحمد عادل محمد أن هناك حزمة من التحديات التي تواجه الخط العربي تكمن في قلة الوعي بالفن، مشيرا إلى أن الحرف القرآني بقي بعيدا عن مسارح السطو ولم يحدث له ما حدث للزخرفة وغيرها من فنون، إلا أن غياب مشاريع مدرس الخط قلل من نسبة تذوقه لدى الجماهير. وذهب أستاذ الخط في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عصام مصطفى عرفة إلى أن الخط العربي رغم كل التحديات ظل رسالة أمة وهوية حضارية تمثل ما وصلت إليه، وقبل ذلك هو وسيلة للدعوة لله سبحانه وتعالى من خلال ما يبدعه الخطاط من حروف وخطوط في مختلف أشكالها وصيغها الفنية. وتبقى المشكلة الكبيرة - بحسب عرفة - في إسناد مهمة كتابة الخط العربي لغير المتخصصين حيث لا يمكن أن ينقلوا الصورة الجميلة التي عرف بها أشهر خطاطيه وكتبته.