يعرض مسرح القباني بدمشق مسرحية "أبو شنار"، للفنان الفلسطيني زيناتي قدسية. والمسرحية هي مونودراما يقدمها العجوز الفلسطيني أبو شنار، و"شنَّار" هو الولد الرابع المفقود لأبيه، بعدما استشهد الإخوة الثلاثة في معارك ضد الإسرائيليين خارج فلسطين. أما الأب أبو شنار فيستضيف مجموعة من الصحفيين مع أجهزة التسجيل والكاميرات فوق فراشه الذي يشبه في فوضاه شكل المخيم الفلسطيني المتدرج من خيمة القماش إلى الأزقة الضيقة التي تفتقد بيوتها إلى التنظيم والبنية الأساسية في أي بناء حديث، وحيث يجلس أبو شنار على فراش مطلق الفوضى، في أقرب مكان على الخشبة من المتفرجين، تاركاً فضاء المسرح في عتمة مطلقة، وفراغ لا يشغله شيء، يتحدث إلى الصحفيين عن مسيرته من بلدته الفلسطينية "إِجْزِم"، إلى مكانه في منفى المخيم في بلد عربي، وهو يقدم تداعيات ذاكرته المختلطة بأحلامه وآماله، لينهي العرض بقوله "أنا راجعْ ع إجزم حتى لو بالحلم"، ثم يتدثر وينام. وفي "أبو شنار" ملامح من شخصية "أبو توفيق" في مسرحيته "الطيراوي"، عبر اشتغاله على نصوص للشهيد غسان كنفاني عن رجل فلسطيني يمتلك ذاكرة حضارية، في مواجهة شرطي بلا ذاكرة. وهنا أيضاً تصرخ ذاكرة قدسية، وليس أبو شنار فقط، مازجاً بين ذاكرته الشخصية والذاكرة الجمعية للفلسطيني اللاجئ في مكان ما قريب من فلسطين، حيث الحلم بالعودة هو سلاح آخر قد يكون أجدى من خطب "الأخ القائد" في غير دولة عربية، وأجدى من كثير من الأسلحة التي علاها الصدأ، أو التي يرتد رصاصها على مطلقها. يذكر أن المسرحية من تأليف وإخراج وتمثيل الفنان زيناتي قدسية، والإنتاج لمديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة السورية.