قال الباحث العراقي عبدالحسين شعبان إن هناك تطورا نوعيا حدث على صعيد الجنادرية؛ بحيث أصبح ملتقى دوليا إقليميا للمفكرين العرب والعالميين في جوانب لها أبعادها. ورأى شعبان في حديث إلى "الوطن" أن المهرجان اكتسب أهميته لثلاثة أسباب رئيسية فهو ملتقى فيه طابع الاستمرارية والديمومة، والسبب الثاني أنه كان يتطور باستمرار ولعله كان تتويجا لتراكم 25 عاما إلى الآن بحيث أصبح اجتماعا سنويا ينتظره المثقفون. وأضاف شعبان أنه لحظ تطور الجنادرية كملتقى منذ العام المنصرم وكان ذلك من حيث الأداء ومن حيث التناغم والوجهة والاهتمام، وجاء التغيير دليلا على التعددية والتنوع وتواصل الأجيال والتنوع الاجتماعي بما فيه حضور المرأة مما يتطلب على صعيد المستقبل مضاعفة مساهمتها، بالإضافة إلى زيادة دور الشباب بإشراك المبدعين والمثقفين الشباب الذين يمكن من خلال تلاقحهم وتواصلهم مع الآخرين من الأجيال الأخرى أن ينضجوا ذواتهم ويخرجوا بتجربة مهمة على صعيد الفعل الثقافي. وأشار شعبان، الذي شارك في الندوة الثقافية الكبرى هذا العام، إلى أهمية التنوع الذي تشهده الجنادرية بإشراك مثقفين ومفكرين غير عرب يعيشون في المنطقة العربية هم بحاجة إلى حضور المهرجان مثل الأكراد والأمازيغيين على سبيل المثال، والتنوع الديني بمشاركة المسيحيين بتوسع، فالمهرجان منبر للحوار عبر أسس ورؤية جديدة للثقافة باعتبار اختلافها عن السياسة، فالسياسة مناورة وتكتيك والثقافة رؤية وهذه الرؤية الثقافية بحاجة إلى تجسيد وتكوين. من ناحية أخرى، أكد شعبان أنه لا يمكن الحديث عن التراث باعتباره رافدا من الماضي منتم للحداثة، فالأصالة ترتبط ارتباطا وثيقا بعصرانية التراث، مشددا على أنه لابد من إحياء هذا الجسر الموصل بين الأصالة والحداثة والتراث والمعاصرة، قائلا: أظن أن الجنادرية تحاول إحياء هذه العلاقة الوثيقة بين التراث والمعاصرة وما بين الحضارة والأصالة. شعبان اقترح أن يكون أحد محاور الجنادرية المقبلة، مشكلات مؤسسات المجتمع المدني على صعيد عالمي عربي إنساني، إذ لا يمكن بناء حضارة موحدة تشمل التنوع الثقافي والحضارة الموحدة التي فيها فسيفساء وموزاييك مختلف ومتنوع للامتدادات الحضارية للشعوب والأمم التي تغتني باستفادتها من بعضها. وعن كيفية طرح إشكالية "المجتمع المدني وقضاياه" من خلال الجنادرية قال شعبان: يمكن الطرح من خلال تكثيف دور المجتمع والاطلاع على آخر منجز بشري في هذا المجال، وقد يكون هناك قصور نظر في جانب المجتمع المدني ولكن في الحقيقة أن هدف تلك المؤسسات طوعي... مدنية سلمية لا تريد الوصول إلى السلطة فهي تريد التواصل مع الآخر. أو يمكن طرح رؤية أخرى لموضوع الإسلامالوجيا (استخدام الإسلام ضد الإسلام) مثل التحريم والتجريم على أساس التعصب والتطرف وكل تعصب لابد أن يأتي بالتطرف وكل تطرف يأتي بالغلو.