كرمت فرنسا رسميا الشاعر والكاتب المسرحي والسياسي إيمي سيزير، بعد ثلاث سنوات من وفاته، بإدخاله إلى مقبرة عظماء الأمة "البانتيون" ليصبح جارا لكبار الأدباء والمفكرين أمثال فولتير وفيكتور هوجو وإميل زولا، الذين قاسمهم النضال الدائم من أجل المساواة والعدالة، سواء من خلال الكتابة أوعبر العمل السياسي. إدخال سيزير إلى مقبرة عظماء الأمة خطوة رمزية، إذ تبقى رفات الكاتب في جزر الأنتيل، وبحسب ابنه جاك سيزير "تعد هذه الخطوة ذات دلالة ويجب أن تكون الخطوة الأولى في بدء إدخال كتب هذا العملاق ضمن المنهج الدراسي في فرنسا". ويرى الكثيرون أن موقف الابن هذا يتناقض كثيرا مع موقف ابن فيلسوف فرنسا ألبير كامو والذي أثار إعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في العام الماضي، نيته نقل رفاته إلى "البانتيون" احتفاء بالذكرى الخمسين لوفاته، حيث صرح جان، ابن كامو وقتها أن المبادرة الرئاسية هي مناورة سياسية، معترضا على نقل الرفات، لأن ذلك "يتناقض مع مبادئ والده". الذي كان يمقت كافة صيغ التكريم الباذخة. أما إيمي سيزير الذي يحتفى بتكريمه هذا الأسبوع ، فقد ولد من رحم الحرب العالمية الأولى لعائلة متواضعة في جزيرة المارتينيك، وهي منطقة فرنسية من أقاليم ما وراء البحار. وحاول صاحب البشرة السمراء منذ الصغر محاربة العنصرية والاستعمار. وهو أحد أبرز وجوه تيار الزنوجة في الشعر الفرنكفوني وأحد رموز الحركة المناهضة للاستعمار، كما أنه صاحب مقولة "نعرف عن أنفسنا عبر العودة إلى جذورنا واكتشاف ذواتنا". يقول عنه أستاذ الأدب الفرنسي والفرانكفوني المقارن الناقد روجيه طومسون في كل من جامعتي جزر الاتيتل وجوايانا الفرنسيتين وأحد المقربين منه إبان حياته، إنه انتمى فعليا بميلاده في عام 1913م إلى جيل تميز عن غيره بغزارة الإنتاج وتنوع موضوعات الأدب لديه، وحدة الذكاء. ذلك الجيل الذي اجتمع من كل أركان العالم لينظم الشعر في الفترة الواقعة ما بين 1930-1950م التي تعد واحدة من أخصب الأزمنة التي عرفها الشعر الحديث في الغرب بعد سيطرة الرواية. وقد برزت في تلك الفترة أسماء لعمالقة شكلوا تلك الكوكبة العالمية وفي مقدمتهم سان جون بيرس وبابلو نيرودا وآخرون. لمع نجم إيمي، في عام 2005 حينما رفض استقبال نيكولا ساركوزي، الذي كان حينها وزيرا للداخلية، وذلك على خلفية إقرار قانون عن الدور الإيجابي للوجود الفرنسي في أقاليم ما وراء البحار، لكنه عاد واستقبل ساركوزي في عام 2006 بعد إجرائه تعديلات على هذا القانون وأهداه كتابه "حديث حول الاستعمار". وها هو ينضم لمقبرة العظماء في عهده.