انقلب المشهد السياسي داخل البرلمان الأوروبي فيما يشبه الكوميديا السوداء، وبادر البرلمان أمس بتقديم الاعتذار إلى إسرائيل عن سوء تقديره ودعمه لتقرير جولدستون، الذي وجه إدانة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزه أثناء ضربها عسكريا نهاية عام 2008 ومطلع 2009، على إثر إعلان القاضي الجنوب أفريقي ورئيس لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ريتشارد جولدستون تراجعه عن النتائج التي سبق وعرضها في التقرير، وليتحول الجاني في لحظة إلى ضحية، إلا أن رئيس دائرة المفاوضات الفلسطينية صائب عريقات أكد أمس أن تقرير لجنة جولدستون أصبح دولياً بعد أن أقره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مبيناً أنه لا يمكن سحبه أو التلاعب فيه وعلى المجتمع الدولي أن يسعى لتنفيذ توصياته. وشدد عريقات على أهمية أن يعمل المجتمع الدولي على معاقبة المجرمين في إسرائيل الذين ارتكبوا جرائم حرب لضمان عدم تكرار هذه المجزرة التي حدثت في غزة. وقال عضو البرلمان الأوروبي دانيال فاندير ستوب إن رئيس البرلمان جيرزي بوزيك سيقدم رسميا الاعتذار إلى إسرائيل، بسبب تسرع البرلمان بدعم نتائج التقرير وإدانة إسرائيل، والمطالبة بإحالة التقرير إلى المحكمة الجنائية لجرائم لحرب في لاهاي. وقال البرلمان إن هذا التقرير يجب تمزيق أوراقه تماما، لأنه أضر إسرائيل على مدى سنوات منذ صدوره، ومن أحد هذه الأضرار محاولة لجمها عن ملاحقة المسلحين من حماس، حيث أدى التقرير إلى النظر لهؤلاء دوليا على أنهم مجموعة من الأبرياء السلميين، الذين يحترمون حقوق الإنسان. وأضاف البرلمان أن التقرير لم يلتفت بصورة حقيقية إلى آلاف الصواريخ التي انطلقت من حماس في غزة لتصيب الإسرائيليين المدنيين، مما يعد معه الأمر جرائم حرب وضد المدنيين، وعليه يسحب البرلمان تأييده لهذا التقرير، ويتراجع عن طلب الإحالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو إلى إحالة النتائج إلى المحكمة الجنائية. وكان جولدستون رئيس لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد تراجع عن الوقائع والنتائج التي سبق وعرضها حول الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، وقال في مقالة نشرها في صحيفة الواشنطن بوست إنه لم يكن يعرف وقتها الحقائق كاملة حول ما جرى في غزة، وإنه يعرف الآن أكثر، ولو كان يعرف الحقائق لجاءت الوثيقة في تقريره غير ما كانت عليه. وجددت منظمة المؤتمر الإسلامي أمس، موقفها الداعم لتقرير جولدستون، الذي تضمن اتهامات واضحة بارتكاب إسرائيل جرائم حرب في قطاع غزة في ديسمبر 2008. وقالت المنظمة إنها لا تزال متمسكة بمضمون التقرير الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف، بدعم المجموعة الإسلامية، وإنها ماضية في تقديم كل الدعم المطلوب للتقرير في أروقة الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، وذلك بعد أن دفعت المجموعة، باتجاه تبني قرار من قبل مجلس حقوق الإنسان يحث الجمعية العامة على إحالته إلى مجلس الأمن الدولي. وأكدت المنظمة أنها بدأت بالفعل التنسيق ضمن المجموعة الإسلامية في الجمعية العامة، من أجل تأييد مساعي إحالة تقرير جولدستون إلى مجلس الأمن الدولي. إلى ذلك قالت مصادر سياسية إسرائيلية إن إسرائيل تتهيأ إعلاميا وسياسيا وعسكريا لمواجهة "أسطول الحرية 2" الذي يتوقع أن ينطلق في منتصف الشهر المقبل باتجاه قطاع غزة وتشارك فيه نحو 15 سفينة و1000 ناشط من جنسيات مختلفة. وقالت إن كبار المسؤولين في إسرائيل يجرون اتصالات مع رؤساء الحكومات والمسؤولين في الدول المطلة على البحر المتوسط بما فيها إيطاليا واليونان وتركيا بالإضافة إلى أيرلندا والدول الإسكندنافية لإقناعهم بعدم السماح لمنظمي هذه القافلة بالإبحار من الموانئ في هذه الدول. وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الدوائر الأمنية المختصة ووزارة الخارجية الإسرائيلية شرعت في إجراء استعدادات محمومة لمواجهة "أسطول الحرية 2"، مشيرة إلى أن عدة جلسات تنسيقية عقدت في قيادة الدوائر الأمنية بمشاركة مندوبي وزارة الخارجية تمهيدا لانطلاق القافلة. وأشارت إلى أن سلاح البحرية يكمل استعداداته للتهيؤ لاحتمال اللجوء إلى القوة للاستيلاء على سفن القافلة إذا دعت الضرورة إلى ذلك، موضحة أن "وحدة مغاوير البحر ستكلف هذه المرة أيضا بمهمة القيام بعملية الاستيلاء بمساعدة زوارق الصواريخ".