رفض المجلس الوطني الانتقالي الليبي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون أمس فكرة مرحلة انتقالية يقودها أحد أبناء الزعيم معمر القذافي، وفق عرض أفادت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. وقال المتحدث باسم المجلس شمس الدين عبد المولى من بنغازي، معقل الثوار، إن هذه الفكرة "يرفضها المجلس بشكل تام. وعلى القذافي وأبنائه أن يرحلوا قبل أي مفاوضات دبلوماسية". كما قالت أشتون "لن يكون مقبولاً خلافة أحد أبناء القذافي له في المنصب. وأن موقف الاتحاد واضح وهو أن نظام القذافي فقد شرعيته ويجب أن يرحل. نظام القذافي يتكون من الأشخاص الموجودين في النظام وعلى حد معرفتي من أبنائه". وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت مساء أول من أمس أن اثنين من أبناء القذافي هما سيف الإسلام والساعدي يعرضان عملية انتقال إلى ديموقراطية دستورية تتضمن رحيل والدهما عن السلطة، على أن يتولى سيف الإسلام إدارة المرحلة الانتقالية. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي ومسؤول ليبي على اطلاع بالاقتراح أنه لم يتضح ما إذا كان القذافي الأب (69 عاماً) وافق على مقترح ولديه؛ رغم أن مصدراً مقرباً منهما أكد أن العقيد يبدو راغباً في الرحيل. ورأت أن هذه الفكرة تدلل على الاختلافات القائمة منذ زمن بين أبناء القذافي، فبينما يفضل سيف الإسلام والساعدي الانفتاح الاقتصادي والسياسي وفق الأسلوب الغربي، فإن خميس ومعتصم متشددان، خاصة أن الأول يتولى قيادة كتيبة مهمتها قمع الاضطرابات، بينما يعمل الثاني مستشاراً للأمن القومي ويقود ميليشيا خاصة. وقال مصدر مقرب من سيف الإسلام والساعدي للصحيفة، إنهما "يرغبان في قيادة البلاد إلى التغيير" دون والدهما. وأضاف أنهما "اصطدما كثيراً بالحرس القديم، وفي حال نجحا في المضي قدماً بالخطة فسيتمكنان من انتشال البلاد من كبوتها بسرعة"، كاشفاً أن أحد الاثنين أكد أكثر من مرة أنه "يتمنى شخصياً الثورة". ورأت الصحيفة أيضاً أن المقترحات تشكل تحولاً جديداً في الدراما بين سيف الإسلام ووالده التي بدت منذ سنوات في الحياة العامة الليبية. جاء ذلك بعد تردد أنباء بأن العقيد بدأ يبحث عن مخرج دبلوماسي للصراع في ظل تزايد عزلته وانشقاق المقربين عنه، وآخرهم مستشاره علي التريكي أول من أمس. وأوفد القذافي مبعوثه نائب وزير الخارجية عبد العاطي العبيدي في جولة إلى ثلاث دول، بدأها أول من أمس باليونان، ثم تركيا، وأخيراً مالطا. ووصل العبيدي أمس إلى أنقرة، قادماً من أثينا بعد أن سلم رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو رسالة تظهر بحث النظام عن حل للنزاع. وأفاد مصدر تركي أمس أن العبيدي "طلب مساعدة تركيا" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع الثوار، مشيراً إلى أن ممثلين عن الثوار قد يصلون قريباً إلى تركيا لبحث الأمر نفسه. وعلى الصعيد العسكري، طرد مقاتلو المعارضة قوات القذافي من معظم مدينة البريقة إلى ضواحيها في إطار تقدمهم البطيء صوب الغرب، ويلاحقهم القصف في كل خطوة. وخلال الشهر الماضي تبادلت المعارضة وكتائب القذافي السيطرة على البريقة أكثر من مرة، مع استمرار القتال بينهما على الطريق الساحلي الذي يفصل بين الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة ومعقل القذافي في الغرب. وتحركت المعارضة التي أظهرت تنظيماً أفضل مما كانت عليه في الأسابيع السابقة بحذر أكبر بمساعدة الضربات الجوية الغربية، وتتشبث بمواقعها أكثر من ذي قبل في مواجهة قوات القذافي البرية الأفضل تسليحاً. وقال المقاتل بالمعارضة يوسف شوادي من على بعد كيلومترات قليلة من البوابة الغربية للبلدة، "تنتظر قوات القذافي عند البوابة الغربية بالضبط وتطلق قذائف المورتر عند أي تقدم للمعارضة". وتبدو آثار المعارك واضحة حيث شوهدت عشرات الشاحنات الصغيرة والسيارات المحترقة على جانب الطريق الذي يمر بالبلدة، ويسمع دوي انفجارات من اتجاه البوابة الغربية ويتصاعد دخان أسود من المنطقة. وفي السياق، قال متحدث باسم المعارضة إن قوات القذافي تقصف مدينة مصراتة المحاصرة منذ وقت مبكر أمس، مشيراً إلى أن القصف باستخدام قذائف مورتر ونيران مدفعية استهدف مناطق سكنية ما أسفر عن ضحايا". من جهته، أكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي الممثل للثوار مصطفى عبد الجليل في مقابلة نشرت أمس أن بعض الضحايا المدنيين الذين قتلوا عن طريق الخطأ خلال ضربة جوية للحلف الأطلسي الجمعة الماضي في البريقة كانوا "مندسين" موالين للقذافي.