يصعب رسم صورة دقيقة لموقف الإدارة الأميركية حيال الأزمة في ليبيا دون معرفة ما يقال في الجلسات المغلقة لمسؤوليها، وطبيعة القضايا الخلافية التي تثار، والأسئلة التي يتناقلها المسؤولون حول الموقف هناك ومن ثم مواقفهم مما ينبغي وما لا ينبغي عمله. وهذا على وجه الدقة ما كشف عنه رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري مايك روجرز في حوارات نشرت أجزاء منها في الولاياتالمتحدة مساء أول من أمس. وأكد روجرز ما بات معروفا الآن عن وجود خلافات حادة بين أعضاء فريق الأمن القومي الأميركي ظهرت خلال جلسة مغلقة عقدت في الكونجرس وحضرها وزيرا الدفاع والخارجية روبرت جيتس وهيلاري كلينتون، بالإضافة إلى رئيس الأركان الأدميرال مايكل مولن ورئيس الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر. وقال روجرز إن الخلافات بين أعضاء الفريق كانت واضحة، إلا أنه لم يشر إلى من يقف إلى جانب التدخل الأميركي بصورة أكبر ومن يعارضه. والمعروف في واشنطن أن كلا من كلينتون وكلابر يؤيدان دعم الثوار أما جيتس ومولن فإنهما يعارضان ذلك. وتعد هذه من المرات النادرة التي يختلف فيها جيتس مع كلينتون. وأكدت محطة "اي بي سي" التلفزيونية أن أوباما أعطى موافقته على تقديم مساعدة سرية للثوار الليبيين. وفيما رفض روجرز تأكيد ذلك أو نفيه، أوضح أن على الرئيس أن يحصل على موافقة رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب – أي روجرز نفسه – لإصدار مثل هذا القرار وأنه لم يمنح الرئيس موافقته حتى الآن. وقال روجرز إنه يعارض فكرة تسليح الثوار وأضاف "إنها فكرة مخيفة. نحن لا نعرف بعد من هم. ولا نعرف من يقود هذه القوات. ولكن يجب علينا التفريق بين أمرين. أن عمل أجهزة المخابرات في ليبيا الآن هو أمر ضروري لجمع المعلومات عن طبيعة الثوار. أما تسليح الثوار دون وجود معلومات عنهم فإنه أمر مختلف". ولفت الأنظار إلى وجود كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية لدى القذافي. وتابع "إذا فرضنا أن كميات من غاز الأعصاب مثلا وقعت في أيدي مجموعة إرهابية تسللت إلى صفوف الثوار. ماذا سنفعل؟. إن ذلك سيكون كارثة محققة". وكانت صحف أميركية قد أشارت إلى وصول فريق استخباري بالفعل إلى الأراضي الليبية بيد أن ذلك في ذاته لا يعد من وجهة نظر روجرز خرقا لأي قواعد قانونية إذ إنه علق على الخبر بقوله "إذا كان هذا صحيحا فإنه الطريقة التي تعمل بها أجهزة المخابرات على أي حال". وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الأربعاء أن عناصر من وكالة المخابرات المركزية الأميركية منتشرون في ليبيا للاتصال مع الثوار وإرشاد ضربات الائتلاف. وأضافت أن "عشرات العناصر من القوات الخاصة البريطانية وعناصر جهاز المخابرات الخارجية (ام آي 6) البريطاني يعملون في ليبيا"، خصوصا من أجل جمع معلومات حول مواقع القوات الموالية للقذافي. في المقابل عارض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن فكرة تسليح الثوار الليبيين معتبرا أن الحلف يتدخل عسكريا "لحماية الشعب الليبي" وليس "لتسليحه". وصرح خلال مؤتمر صحفي في ستوكهولم "بالنسبة للحلف الأطلسي، وأنا أتكلم باسم الحلف، نركز على فرض حظر على الأسلحة والهدف الواضح من فرض حظر على الأسلحة هو منع دخولها إلى البلاد". كما حذرت هولندا من أي تدخل عسكري بري لقوات الائتلاف الغربي في ليبيا ومن تسليح الثوار. وقال وزير خارجية هولندا يوري روزنتال إن مثل هذا القرارات غير حكيمة، مشددا على أن بلاده لن تقدم أي أسلحة للمعارضة الليبية في هذه المرحلة. كذلك أكد وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغي في مؤتمر صحفي أمس أن تسليم الثوار الليبيين أسلحة "ليس مطروحا حاليا" و"لا يتطابق" مع قرار الأممالمتحدة رقم 1973.