تفاعلت هيئة حقوق الإنسان أمس وبشكل سريع مع قصة الطفل "رائد" مجهول الهوية، الذي يعيش في مستشفى بيش العام في جازان منذ نحو عام ونصف العام، في ظل رفض أي جهة حكومية استلامه بحجة تطبيق النظام، وذلك بعد أن تم إبعاد والدته الإندونيسية عن البلاد، بعد أن أثبتت التحقيقات أنها حملت به سفاحاً، وكذلك عدم تمكنها من التعرف على والد الطفل أو التدليل عليه للجهات الأمنية. وقد أسفر التدخل السريع لهيئة حقوق الإنسان أمس عن تمكين الطفل "رائد" من الاستفادة من مظلة رعاية الشؤون الاجتماعية ودخوله إلى "دار الأيتام"، بعدما كان يتنقل بين أقسام المستشفى بلا مأوى، ولا يجد إلا بعض العطف من أطباء وممرضات المستشفى من الجنسيات الفلبينية والهندية اللواتي يتناوبن في الاهتمام به. وكانت حالة الطفل قد أثارت قلق وخوف الأطباء الذين طالبوا أكثر من مرة بوجوب إخلائه من المستشفى ووضعه تحت وصاية جهة رسمية حكومية خوفاً عليه من العدوى بالأمراض والفيروسات أو إيذاء نفسه بالحقن أو بالأدوية التي تطالها يداه، لكن بلا فائدة، في ظل تعارض الأنظمة والقوانين التي كانت تتحجج بها الجهات الرسمية ذات الصلة. وبين المشرف العام على جمعية حقوق الإنسان أحمد البهكلي أن هناك تقصيرا في عدم تسليم الطفل لأمه ليسافر معها لأنه طفل غير شرعي وأن الأنظمة تقتضي أن يضاف الطفل إلى جواز والدته حينما يكون أتى بطريقة غير شرعية ومن أم غير سعودية, مشيرا إلى أن الجمعية تتعجب كيف تم ترحيل والدته مع بقاء ابنها في المملكة، لافتا إلى أنه حتى لو بقي فالأصل أن يسلم لوزارة الشؤون الاجتماعية لتتولى رعايته, بحيث يطبق عليه نظام الحصول على الجنسية والإعانة والتعليم. وبين البهكلي أنه متى ما تقدمت أسرة تطلب حضانة الطفل فهناك أنظمة تمكن الأسرة من رعايته, مضيفاً أن الجمعية تتمنى تطبيق الأنظمة والإجراءات بحذافيرها حفظا لحق الطفل والأم والمجتمع, وأكد البهكلي أن الجمعية قد تواصلت مع الشؤون الصحية والاجتماعية والجهات المعنية بموضوع الطفل رائد, وقد تمت الموافقة على إدخاله إلى دار التربية الاجتماعية "دار الأيتام" لحفظ حق الطفل في الرعاية الكاملة. وقال مدير الشؤون الاجتماعية في جازان سالم باصهي إنه يتم حاليا معالجة وضع الطفل رائد مع الجهات المعنية لاستكمال إيداعه بالدار، مشيرا إلى أن سبب عدم قبول الطفل سابقاً، هو تطبيق الإدارة لأمر وزارة الداخلية الذي يلزم ترحيل الطفل مع أمه لمنع تكرار مثل هذه الظاهرة، وبين باصهي أن حالة الطفل رائد ليست الأولى من نوعها بل هناك العديد من الحالات المشابهة, مشيرا إلى أنه لو تم التعامل مع كل حالة أجنبية ترحل عن المملكة ويترك مولودها لشكل ذلك عبئا على إدارة الشؤون الاجتماعية على المدى البعيد. من جهته أكد الناطق الإعلامي بشرطة منطقة جازان النقيب عبدالله القرني حادثة الطفل رائد، مشيرا الى أن شرطة محافظة بيش قامت بتسليم أم الطفل رائد من الجنسية الإندونيسية لسجون جازان بعد التحقيق معها، والتي بدورها قامت بتسليمها لإدارة الترحيل وتسفيرها لبلدها, لافتا إلى أن شرطة بيش قامت بتطبيق النظام السابق الذي كان ينص على أنه ليس من الضروري ترحيل المولود غير الشرعي مع أمه إلى بلدها ويتم تسهيل إيواء المولود في دور الملاحظة الاجتماعية. من جهته، كشف الناطق الإعلامي في صحة جازان جبريل القبي في تصريحات خاصة إلى "الوطن" أن قسم الطوارئ بمستشفى بيش العام استقبل بتاريخ 6/12/1430ه الخادمة الإندونيسية وبعد فحصها تبين أن لديها حالة ولادة وتم إبلاغ شرطة بيش بالواقعة التي بدورها خاطبت المستشفى ووجهت بالسماح بولادتها وتم على إثره توليدها. مضيفاً أنه بعد الولادة وجهت الشرطة في خطابها لإدارة المستشفى متابعة حالة الطفل وأنه لا مانع من وضعه في حضانة المستشفى حتى يتم الانتهاء من التحقيقات اللازمة في قضية أمه التي حملت به سفاحاً, مشيراً إلى أن الشرطة أخذت أم الطفل في اليوم الثاني وقامت بتسفيرها، وظل الطفل وحيداً إلى هذه اللحظة. وأكد القبي أن المسؤولين في الشؤون الاجتماعية في جازان رفضوا استلام الطفل رغم عدة مخاطبات بسبب أن النظام ينص على ضرورة سفر الطفل مع أمه التي حملت به, في حين أنه تم ترحيلها إلى إندونيسيا دون إشعار المستشفى. مشيراً إلى أن هناك العديد من الأسر التي تقدمت لإدارة المستشفى وأبدت رغبتها في حضانة الطفل إلا أن المستشفى ليس لديه الصلاحية في تسليمه لأي أسرة. يشار إلى أن تعليمات وزارة الداخلية السابقة وقت ولادة الطفل "رائد" كانت تنص على ترحيل الأم وإبقاء الوليد، وهي التعليمات التي تصرفت على ضوئها شرطة منطقة جازان آنذاك، بينما صدرت في وقت لاحق تعليمات جديدة تنص على ترحيل الطفل مع أمه كي لا تتكرر مثل هذه الظاهرة، وفي ظل التعليمات الجديدة، رفضت إدارة الشؤون الاجتماعية الاستجابة للخطابات والمطالبات المتعددة التي وجهت إليها من إدارة المستشفى لاستلام الطفل ووضعه تحت رعايتها، متعللة بأن نظام وزارة الداخلية الجديد ينص على أن يرحل الطفل مع أمه، بينما الشرطة والمستشفى تقول إن هذه التعليمات صدرت حديثاً وبعد ولادة الطفل وإنه من غير الممكن الآن ترحيل الطفل، في ظل عدم معرفة عنوان إقامة والدته.