يتخوف المستهلكون في المملكة من استغلال بعض التجار للسيولة النقدية التي صبتها الأوامر الملكية الأخيرة في جيوبهم، والتي تضمنت الحصول على راتب شهرين ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف ريال، الأمر الذي يضع وزارة التجارة أمام تحد حقيقي حتى لا يلتهم التضخم الناتج عن رفع الأسعار تلك الزيادات. وقامت "الوطن" بجولة في أسواق الرياضوجدة رصدت فيها ارتفاعاً لبعض أسعار السلع الاستهلاكية، إلا أن أصحاب المتاجر التي رصدت فيها تلك الارتفاعات برروا ذلك بحصولها قبل صدور الأوامر الملكية بأسبوع. ففي الرياض، لوحظ ارتفاع سعر نوعين من حليب الأطفال المستورد من كندا وأميركا، إذ ارتفعت سعة العبوة الكبيرة (900 جرام) 3 ريالات، فيما زادت العبوة الصغيرة (400 جرام) ريالاً واحداً. لكن العاملين في الصيدليات، أكدوا أن هذا الارتفاع سبق القرارات الملكية بأسبوع واحد فقط. ومع ذلك وجدت بعض المطاعم حيلة أخرى لرفع الأسعار من خلال تقديم أطباق جديدة بأسعار أعلى من المعتادة بدعوى أن المكونات المستخدمة أعلى سعراً وجودة، حيث أظهرت جولة "الوطن" قيام عدد من المطاعم برفع سعر وجبة كبسة الدجاج من 26 ريالا إلى 30 ريالا وأسعار وجبة اللحم من 45 ريالا إلى 48 ريالاً. وبرّر عاملون في تلك المطاعم رفع الأسعار باحتواء هذه الوجبات على نوع من الأرز يسمّى "البشاوري" الذي وصفوه بأنه الأكثر جودة وطعماً. وأضافوا أن بإمكان زبائنهم الحصول على الوجبات التي تحتوي على الأرز العادي بالأسعار السابقة دون تغيير. وأبدى فهد المالكي وهو أحد المتسوقين الذين التقتهم "الوطن" في أحد مراكز الرياض التجارية تخوفا من أن تكون مبررات رفع الجودة أو أن الأسعار ارتفعت قبل أسبوع من الأوامر الملكية مدخلا لرفع الأسعار خلال الأيام المقبلة، وطالب الجهات المختصة بمراقبة الأسواق وتطبيق العقوبات بحق المخالفين، ومن ذلك التشهير بهم كما نص الأمر الملكي حتى يكون ذلك رادعاً لتجاوزات التجار في استغلال المستهلكين. وفي جدة، أظهرت جولة "الوطن" ارتفاع أسعارالعديد من المواد الغذائية الأساسية بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين الماضيين، وتركزت تلك الارتفاعات في الخضروات والفواكه والدواجن المجمدة. وقالت إحدى المتسوقات فخرية بخش إن الارتفاع في الأسعار اتضح هذه الأيام في الخضراوات بشكل عام، إذ تباع حزمة الملوخية حالياً بريالين بعد أن كانت تباع بريال واحد قبل أسبوعين. كما ارتفع سعر كيلو الكمثرى إلى 15 ريالا، بعد أن كان يباع الأسبوع الماضي بأقل من 10 ريالات. وقال بكر محمد الذي كان يتسوق في أحد المتاجرإن سعر الجبن الأبيض الخاص بالحمية يباع حاليا بحوالي 20 ريالاً بعد أن كان سعره لايتجاوز 15 ريالاً، وذلك دون وجود مبرر لرفع الأسعار. وقفز سعر كرتون الدجاج المجمد حوالي 30% ليصل إلى 123 ريالاً بعد أن كان سعره 95 ريالاً قبل أقل من شهرين. وعند استطلاع آراء البائعين في متاجر الفواكه والخضار، قال غالبتهم إن ارتفاع أسعار بعض أنواع الفواكه والخضار يعود إلى رفع الموردين والموزعين للأسعار. وأوضح مدير أحد المراكز التجارية شمال جدة حامد علي أن الموردين ووكلاء العلامات التجارية الغذائية المعروفة يتحكمون بالأسعار، ويجبرون المتاجر على البيع بأسعار مرتفعة من خلال ارتفاع أسعار الجملة في ظل الطلب المتواصل على المنتجات. وأكد أن بعض المتاجر توقف طلب المنتجات التي ترتفع أسعارها بشكل غير مقبول احتجاجاً على سياسة رفع الأسعار التي يتبعها الموردون، حيث إنهم يتحملون مسؤولية غلاء المنتجات في الأسواق. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الطائف الدكتور فتحي خليفة ل"الوطن" إن الهوامش الربحية للسلع الاستهلاكية والتموينية يفترض ألا تتجاوز 15% كحد أقصى. ومن المفترض أن لا يرفع التجار أسعار السلع دون أن يكون هناك ارتفاع في أسعار المدخلات الأولية. وأوضح أن بعض التجار ينتهزون الفرصة من حين لآخر لرفع الأسعار دون وجود مبررات اقتصادية واضحة، داعياً إلى تكثيف عمليات المراقبة والكشف عن المتلاعبين بالأسعار. من جانبه، كشف رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم عن إطلاق الجمعية 4 مراكز إنذار مبكر للسلع والمنتجات الملوثة التي تحوي نسبة من المواد الكيميائية الخطرة أو تلك التي ترتفع أسعارها. وأكد أن تلك المراكز ستعمل بالتحالف مع مراكز الرصد والإنذار المبكر العربية والعالمية للتبليغ عن المواد الملوثة وتغيرالأسعار، موضحاً أنه سيتم التواصل مع وزارة الصحة بالنسبة للأدوية ووزارة التجارة بالنسبة للأغذية. يذكر أن وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل هدد الأسبوع الماضي بمحاسبة ومعاقبة المتلاعبين بأسعار السلع الاستهلاكية بكل حزم، مؤكداً عدم التهاون والتقاعس في تطبيق الأنظمة تجاه كل من يخالف الأنظمة والإجراءات الخاصة بأسعار السلع التموينية الاستهلاكية بالمملكة.