أجمع أئمة وخطباء الجمعة أمس، على أن الأمَّة إذا انقادت فِكرِيًّا وسِيَاسِيًّا وثقافيًّا واجتمَاعِيًّا للائتلاف، ونبذت ظِهريًّا الاختلاف، واستمسكت بالحَق ولازمته، وانْقادَت للدِّين وشرعته، قرَّت مِنها العَيْن وفازت بالحُسنيين، وانْدَفَعَتْ عنها الشرور، وانْقمع الثُّبُور، وأحْرَزَت في العَالمين توقيرًا وهَيْبةً واحْتِرَامَا، ولَم يَنَلْ مِنْها المُترَبِّصُون مَرَامَاً. وشددوا على ضرورة إعانة المجتمعات الإسلامية المظلومة والوقوف معها أمام الأمم المسيرة بأوامر غيرها من أعداء الإسلام لإيقاع الأضرار بها بأفعال وصفوها ب"البشعة والقبيحة"، مؤكدين أن الوقوف مع المظلومين عمل "إسلامي". ودعا مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض أمس، إلى ضرورة محاصرة تلك الأفعال لكيلا تزحف إلى الدول الأخرى قائلاً "إذا لم يتعاون المسلمون على ردع الظالمين والأخذ على أيدي المفسدين سيسري هذا البلاء والخطر إلى الجميع، فلا بد من محاصرة السوء ووقف الزحف الظالم الضال، الذي يريد للإسلام وأهله البلاء والفساد". وأكد أن الله يقف مع المظلومين ويعين العاجزين. وأشار آل الشيخ، إلى أهمية وضرورة إعانة المظلومين والوقوف معهم أمام الأمم المسيرة بأوامر غيرها وتلقي التوجيهات من أعداء الإسلام لإيقاع الأضرار بهم من هدم البنيان والممتلكات واستباحة دماء الأبرياء واستحلال ذلك الأمر. ووصف آل الشيخ تلك الأفعال ب"البشعة والقبيحة". وتابع أن ذلك بلا شك ظلم وعدوان، موضحاً أن إعانة المظلومين وردع الظالمين عمل "إسلامي" يدعو إليه الإسلام ويرغب به؛ ذلك لأن المسلمين ك"البنيان يشد بعضهم بعضا". ودعا آل الشيخ، الأمة الإسلامية إلى الثقة بربهم ودينهم وقيادتهم، مشيراً إلى أن من سعادة الأمة اجتماع كلمتها وتألف قلوبها وارتباط صفوفها وسيرها على منهج الحق الذي أمر الله به، وأن الابتعاد عن تصديق الشائعات المغرضة والأكاذيب والأباطيل أمر مساعد على العيش بسعادة وأمن واستقرار، محذراً من الإصغاء لشائعات من وصفهم ب"المرجفين الكاذبين" التي تروج عبر المواقع المشبوهة والدعايات المضللة الممتلئة بالحقد للإسلام وأهله. التمسك بالجماعة وقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، إنه تِلقاء هذه المرحلة العصيبة في الأمة، من التَّنَصُّل مِن الجماعة ، التي تدُكُّ صَرْح الأمَّة، لَزِم اسْتِنْبَاء الأحْدَاث، واسْتِشفاف العِبَر وتقويم قضايانا الإسلاميَّة، بِمِسْبَار الشفافية والاستِهْدَاء، ودِقَّة المُوَازنة في جَلْبِ المَصالح ودَرْء المَفاسِد . وأردف يقول: ومن مناهج الوسطية والاعتدال، التي تحقق النّموذج والمثَال في التآلف وبديع الامتثال. أنْ تُبْنَى النُّفوس، ويُرَبَّى شبَابُ الأمَّةِ على ثقَافة الحِوَار والائتلاف، والتَّرَابُط وذمِّ الاختِلاف. وقال: ولمَّا كانت بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية قِبْلة الأوطان، ومنها تَسْتَقِي الدُّنيا والتاريخ والحضارات رحيق المجد والسَّلام، والاتحاد والوِئام، فإنها لم تفتأ محسودة، وبالأذى مقصودة. فكم مِن أرْعن ضَحِل المروءة والهمَّة، يزيِّن الباطلَ للتفريق، ويشوه الحق للتمزيق، ويُغري بالفوضى لتزل، وبالفتن لتذل، عبر أفكار دخيلة هوجاء، أوما درى من يذكي الفِتن، وكل حاسد مارق أنَّ هذا الوطن مُتفرِّد عن سائر الأوطان، بخصائصه وميزاته، وأصوله ومُسَلَّماته، أوما دروا أن المسلم الصالح، يقتضيه صلاحه: الوفاء للوطن، والصدق في السِّر والعلن، وصونه عن الإحن، في بعد عن مظاهر الفوضى والاضطراب، من مظاهراتٍ ومسيراتٍ تخريبية، واعتصامات وتجمعات كيدية، ودعاوى وبياناتٍ تحريضية. وأضاف: لكن بحمد الله، تقشَّعت دعاواهم وأظهر المجتمع المتماسك عن قِمَّة التلاحم والالتفاف حول قيادته وولاته، وكان شعارهم: اللُّحمة والتلاحم، فهنيئاً لقيادة هذه البلاد المباركة شعبها الواعي الأبي، اليقظ الوفي، الذي زمجر في وجه الكائدين وما لبىَّ، واستعصى عليهم وتأبىَّ، ويا دُعاة الفتنة، كفُّوا وأقصروا، وانظروا في عواقب أموركم واستبصروا، وهيهات هيهات أن تجد دعواتكم الباطلة بين أبنائنا رواجًا، وفي ربوع بلادنا نتاجًا. الأمن أهم المطالب وفي المدينةالمنورة قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة أمس: إن الأمن من أهم مطالب الحياة الطيبة المطمئنة، وإن الأمن يعني السلامة من الفتن والشرور، ويعني كذلك الاطمئنان والاستقرار والرخاء والازدهار . وأضاف أن أعظم سبيل لتحصيل الأمن بجميع صوره هو تحقيق التوحيد الخالص والالتزام بالعقيدة الصحيحة والتعلق الكامل بالله عز وجل، وأن الأمن بأشكاله المختلفة لا يتحقق إلا بطاعة الله جل وعلا والتقيد بشرعه ومنهجه مع الحفاظ على سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . وشدد على أن من أسباب توفر الأمن السمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف، الذي هو أصل من أصول الواجبات الدينية وعقيدة من عقائد أهل السنة والجماعة، وبهذا الأصل تنتظم مصالح العباد في معاشهم، وتسلم من الشرور والويلات، كما أن من أعظم الأسباب إلى تحقيق الأمن الاعتصام بحبل الله جل وعلا والاجتماع على دينه والتعاون على البر والتقوى استجابة لقوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، ومن هذا التناصح والتراحم فيما بين الحاكم والمحكومين وفق المنهج النبوي المؤصل على الإخلاص لله جل وعلا والتعاون على الحق مع مراعاة مبادئ الرفق والحكمة واللطف ووفق ما يجمع الكلمة ويؤلف القلوب ويوحد الصف.