كشفت دارسة أمنية تناولت ظاهرة العنف الأسري في منطقة المدينةالمنورة بشكل خاص، أن الفئات العمرية ما بين 22 إلى 28 سنة، هي الأكثر تعرضاً للعنف الأسري. ويعزي الباحث العقيد الدكتور نايف بن محمد المرواني ارتفاع ظاهر العنف بين تلك الفئة العمرية إلى كونها السنوات الأولى من الحياة الزوجية والتي في الغالب تشهد مرحلة التجربة بين الزوجين نتيجة لعدم فهم بعضهما البعض، وبداية تحملهما المسؤولية الأسرية المتزامنة مع إنجاب الأبناء ومتطلبات التربية والالتزامات المالية، مما يؤخر أو يبطئ حالة التوافق الزواجي بصورته المنشودة. وأضاف هذه المرحلة العمرية هي التي تنتهي فيها الفتاة من الدراسة الجامعية أيضاً تمهيدا لدخول الحياة العملية أو البقاء في المنزل نتيجة لعدم وجود عمل أو لأنها مطلقة، مما يزيد من أعباء الأسرة تجاه رعاية بناتهن، وتهيئتهن للزواج، وربما قد لا تجيد بعض الأسر التعامل مع الفتاة في هذه المرحلة ويحدث الصراع - من وجهة نظر رب الأسرة - دفاعاً عن منظومة القيم الاجتماعية. ويقول إن أعلى حالات عنف سجلت كانت في عام 1422 حيث بلغت 25 حالة، وأدناها في عام 1420 بمعدل 10 حالات ، وتتذبذب حالات العنف الأسري في مستوى متقارب من حيث وقوعها من عام 1420 إلى 1429" بين 15 21 حالة ، والتي تتنوع ما بين مختلف أشكال العنف الأسري, ومنها حالات عقوق الوالدين والتي سجلت أعلى نسبة من إجمالي الحالات أي بواقع 61 حالة من أصل 176 حالة خلال الفترة المذكورة. وتليها حالات السكر والخلافات العائلية حيث بلغت 23 حالة من مجموع الحالات العامة. ويقصد بهذا النوع من العنف هو إقدام المعتدي على تعاطي المسكر وقيامه بأفعال غير مسؤولة كأن يطلب من الزوجة أو أحد الوالدين مبالغ مالية لتأمين احتياجاته من المسكر ويواجه بالرفض، ويحتدم النقاش مما يجعله يقدم على الاعتداء الجسدي واللفظي، كالضرب، والشتم، والتهديد بالقتل أو السرقة. ويشير الدكتور المرواني إلى أن بعض الثقافات لديها اتجاهات إيجابية نحو العنف وهي تشجع العنف في ظروف عديدة، وتطالب الذّكَر بأن يكون عنيفاً وعدوانياً نحو أي نظرة أو هفوة أو تجاوز يحدث في وقت غير مناسب من قبل الزوجة أو الأبناء ممن يعول. وهذه الثقافات التي تشجع على العنف تكون أكثر شيوعاً بين الفئات الاجتماعية التي يكون مستواها التعليمي متواضعا أو منعدما نهائياً، وهي سبب رئيس لارتفاع معدلات جرائم العنف الأسري لدى هذه الجماعات. ويبرز الدكتور المرواني مشكلة غاية في التعقيد تتمثل في أن الإحصائية التي رصدت حوادث العنف الأسري في المنطقة ليست بالضرورة أن تكون دقيقة، إذ إنها تعد متواضعة ولا تمثل الكمية الفعلية لما يحدث من حوادث عنف أسري ، ومرد ذلك إلى أن بعض الأسر وهي الغالبية العظمي تفضل التكتم على ما يحدث من ممارسات عنف داخل الأسرة. ويشير المرواني إلى المعوقات التي تواجه الشرطة في التعامل مع قضايا العنف الأسري, ومن أبرزها عدم وجود كوادر مدربة للتعامل مع حالات العنف الأسري، وعدم وجود دور لإيواء الحالات التي تتعرض للعنف الأسري، ومنع دخول رجال الأمن للمنازل عند تلقي بلاغ, نتيجة إنكار ولي الأمر مصدر العنف لوجود حالة عنف، وعدم وجود دورات وبرامج تدريبية لمنسوبي الشرطة ذات صلة بموضوع العنف الأسري. وعدم وجود لجان للحماية الاجتماعية في المحافظات واقتصارها على المدن الرئيسية فقط، وصعوبة توفير محرم للحالة المعنفة.