قال مسؤول خليجي ل"الوطن" إنه تم الاتفاق على جميع بنود اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي التي استغرق التفاوض عليها عشرين سنة ولم يتبق سوى بند واحد يتيح لدول الخليج فرض رسوم على الصادرات الأوروبية لم يتم الاتفاق عليه. وأوضح مدير عام العلاقات الاقتصادية الدولية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبدالعزيز العويشق في تصريحات عقب زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للخليج التي تعهدت فيها بدعم اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي، أن دول المجلس ما زالت تتمسك بحقها في فرض رسوم جمركية على الصادرات من الاتحاد الأوروبي متى ما رأت مصلحتها في ذلك. وقال العويشق: "لقد تم الاتفاق على 99% من البنود في الاتفاقية ولم يبق سوى موضوع رسوم الصادرات وهو موضوع صغير إلا أن الاتحاد الأوروبي متمسك بموقفه من حرمان دول الخليج من هذا الحق." وأضاف: "نحن طالبنا بأن يكون لدينا الحق في فرض رسوم على الصادرات الأوروبية بما يتناسب مع قوانين منظمة التجارة العالمية إلا أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يصادر علينا حقنا في ذلك." وكانت دول المجلس قد علقت مباحثات اتفاقية التجارة الحرة بينها وبين الاتحاد الأوروبي بعد أكثر من 20 عاماً من المفاوضات نظراً لعدم الوصول إلى اتفاقية حول بندين رئيسين الأول هو الربط بين القضايا السياسية والاقتصادية مثل قضايا حقوق الإنسان والثاني متعلق برغبة الاتحاد الأوروبي منع دول الخليج من فرض رسوم جمركية تحت أنظمة منظمة التجارة العالمية. وفيما يتعلق بالقضايا السياسية وخاصة مسألة التدخل في حقوق الإنسان وربطها بالاتفاقية قال العويشق: "لقد وصلنا إلى حلول توفيقية في هذا الخصوص ولم تعد هذه الموضوعات تشكل عقبة في المفاوضات." وأكد العويشق أن العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الاتحاد الأوروبي ما زالت جيدة رغم تعليق مفاوضات التجارة الحرة نظراً لوجود اتفاقية إطارية للتعاون في جميع المجالات بين المجلس والاتحاد تم توقيعها منذ 1988. كما أن دول المجلس توصلت في يونيو 2009 إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية، والتي تضم الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وهي سويسرا والنرويج وايسلندا وليختنشتاين. وأظهرت معلومات منشورة على الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي أن الاتحاد لا يزال هو الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي فيما تشكل دول المجلس خامس أكبر سوق لصادرات الاتحاد الأوروبي. وتعي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أهمية تفعيل الاتفاقية بين دول الخليج وبين الاتحاد الأوروبي نظراً لأن هذه الاتفاقية ستدعم موقف الصادرات الألمانية إلى الخليج التي بدأت بالتراجع بعد أن احتلت الصين مكانة ألمانيا كأكبر دولة مصدرة في العالم هذا العام. وأكدت ميركل لدى زيارتها إلى منطقة الخليج أواخر الأسبوع الماضي دعمها الشخصي لاتفاقية التجارة الحرة التي يجري التفاوض عليها حالياً. وشددت على أهمية ألا تضيع على ألمانيا فرصة الاستفادة من الفرص المتاحة في المنطقة اقتصاديا. ودعت ميركل في تصريحات أطلقتها عند زيارتها لقطر إلى الإسراع بإقرار معاهدة التجارة الحرة وقالت إن المنطقة لا تتفهم سبب عدم إتمام المفاوضات بشأن هذه الاتفاقية، وأكدت أهمية الاتفاقية "حتى لا تذهب العقود الاقتصادية إلى آسيا". وقالت ميركل الأربعاء الماضي في الغرفة التجارية الصناعية بجدة: "لا أريد أن أحضر مرة أخرى إلى السعودية دون أن يكون قد تم إقرار اتفاقية تجارة حرة ". وأضافت:"سأهتم شخصيا بالموضوع وإذا لم نفعل ذلك فيمكننا وضع الاتفاقية في المتحف".وتمكنت دول مجلس التعاون الخليجي من عقد اتفاقات تجارة حرة مع العديد من البلدان مثل سنغافورة ونيوزيلندا إضافة إلى تحقيق مفاوضات التجارة الحرة تقدماً ملموساً مع كل من أستراليا وكوريا واليابان والصين ومجموعة ميركوسور في أمريكا الجنوبية. ويوجد لدى دول الاتحاد الأوروبي تفاؤل بأن دول الخليج ستوافق على اتفاقية التجارة الحرة، إلا أن هذا التفاؤل الأوروبي لا يقابله أي تفاؤل خليجي. وانطلقت المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة في عام 1990 وتوقفت بعد تسع سنوات لعدم وجود اتحاد جمركي موحد لدول الخليج، إلا أن دول المجلس أزالت كافة العراقيل السابقة وتمت تلبية مطالب الاتحاد الأوروبي التجارية وبالأخص إقامة الاتحاد الجمركي بين دول المجلس وتطبيق التعرفة الجمركية الموحدة اعتبارًا من يناير 2003. وأدرجت أوروبا بعدها العديد من المطالب الجديدة ذات الطابع السياسي وهو ما أدى إلى تعطل المفاوضات في مراحل عديدة. وتبنت العديد من الجهات الاقتصادية الخليجية وجهة نظر بأن تكون العراقيل الأوروبية ترمي أساسًا إلى الحد من تدفق المنتجات البتروكيماوية إلى الأسواق الأوروبية في حالة توقيع اتفاقية التجارة الحرة والتي ستلغى بموجبها الرسوم المفروضة على هذه المنتجات والمقدرة بنحو 6%.