القدسية التي تربط الزوج بالزوجة أزلية وقديمة، ولكن ثمة تساؤلات تتعلق بمبدأ الإخلاص في حال المرض لأي واحد منهما، فأي منهما أكثر إخلاصا من الآخر في حال الإصابة بالمرض الزوج أم الزوجة؟ عدد من الدراسات أظهر تفوق المرأة على الرجل في الإخلاص في حال المرض وبحسب صحيفة "ديلي تلغراف" فإن دراسة أعدها خبراء واختصاصيون اجتماعيون أمريكيون وجدت أن الرجل قد يترك زوجته سبع مرات أكثر منها إذا تبين له أن حالتها الصحية ميؤوس منها، هذا وتبين لفريق الباحثين أن الكثير من الرجال هجروا زوجاتهم بعدما تبين لهم أنهن مصابات بمرض السرطان. كذلك توصلت دراسة أعدتها جامعة واشنطن إلى أن "الرجال أقل قدرة على العناية بالنساء أو بالعائلة في حال المرض مقارنة بالنساء، وأن المرأة أكثر استعدادا من الرجل والتزاما بمساعدة زوجها في حال إصابته بالمرض". تقول هيا (ممرضة) "بعض المواقف التي تجسد إخلاص المرأة لزوجها في حال المرض تكون ملحوظة وظاهرة للعيان، وعلى العكس من ذلك لدى الزوج الذي تبدو على ملامحه الضيق من مجرد وقوفه مع زوجته في صرف دواء من الصيدلية، وكثيرا ما يرد على أسماعنا بعض العبارات شديدة اللهجة التي يخاطب بها زوجته في ممرات المستشفى، وكأن الزوجة قد أذنبت عندما تأتي لمراجعة الطبيب". وتتابع قائلة "ناهيك عن بعض الحركات التي تصدر عن الزوج عندما يأتي برفقة زوجته لعيادة الطبيب، ومنها التأفف والنظر إلى الساعة باستمرار، مرورا بتقليب بعض الكتيبات التي على مكتب الطبيب المعالج". وتشاطرها الرأي آمنة (ممرضة) حيث تقول "من خلال عملنا في المستشفى نلاحظ أن النساء أكثر ولاء لأزواجهن في حال المرض، وأذكر من الحالات زوجة أبت إلا أن ترافق زوجها في قسم الرجال حتى تعتني به، وتلازمه إلى حين خروجه من المستشفى، وهذه الحالات من الواقع وغيرها الكثير تعكس لنا مدى إخلاص المرأة لزوجها عند مرضه". فايز العبدلي (متزوج) يقول "التطور والعصرنة يقتضيان المصلحة أولا وآخرا سواء للرجال أو النساء، فالكل في وقتنا الحالي المخيف يسعى وراء المصالح الذاتية". وأضاف معلقاً على ما يقال عن أن المرأة أكثر إخلاصا من الرجل "إن الواقع الاجتماعي وكلام الناس يحتمان عليها ذلك". وتقول لطيفة الفياض (ربة منزل) لا أتوانى للحظة عن القيام برعاية زوجي أثناء مرضه، ولا أتخيل أن أقصر في واجبي تجاهه في حال المرض، اعتقد أن الزوجة أكثر ولاء من الرجل في حال المرض، فالزوج لايكاد يتحمل مجرد شكوى زوجته من المرض، وهناك من الزوجات من تتعمد إخفاء مرضها عن زوجها حتى لا تسبب له أي نوع من المضايقة". وتضيف "عندما يصاب زوجي بأي وعكة صحية تكون هناك حالة استنفار من قبلي، ولا يهنأ لي بال أو يستلذ لي مقام إلا بعد تجاوزها". أم خالد تحدثت إلى "الوطن" بحرقة عن قصة جارتها المريضة قائلة "أصيبت جارتنا المعلمة بمرض يستدعي منها المراجعات المتكررة لأحد المراكز الطبية المتقدمة في الرياض، وكشف لها مرضها حقيقة لم تتمن في يوم من الأيام أن تعرفها ، وهي حقيقة ذلك الزوج". وتتابع أم خالد قائلة "في إحدى المرات وحين عودتها من الرياض بعد أن أخذت جرعة الدواء ، أشار إليها زوجها بضرورة المرور على أهلها في منطقة القصيم لأخذ فترة راحة عند والدتها، بعد ذلك بفترة قصيرة أرسل لها ورقة الطلاق مع رسالة شخصية لها يوضح فيها "أنه يحتاج إلى زوجة خالية من الأمراض لتشاركه حياته". حول هذا الموضوع تقول أخصائية الإرشاد النفسي مريم العنزي "إخلاص المرأة جزء من تركيبتها الأنثوية الرقيقة وعواطفها الجياشة، ونشاهد العديد من الصور الحياتية عن نساء أوقفن حياتهن إخلاصا لأزواجهن في حال المرض الذي لا يرجى برؤه، فالمرأة وبحسب طبيعتها تتخذ الإخلاص منهجا لها، كذلك تعتبرالمرأة أكثر تحملا من الرجل في معالجة المريض والاعتناء به". أخصائية علم الاجتماع عنود السالمي تقول "تكوين المرأة البيولوجي يجعلها مخلصة لوضعها الاجتماعي كزوجة وربة أسرة، وفطرتها تجعلها أكثر تحملاً من الرجل في مواقف كثيرة خاصة فيما يتعلق بحالات المرض". وتضيف أن "صفة الإخلاص لا تكون ملازمة للمرأة فقط ، ولكنها صفة تلازم الإنسان أيا كان جنسه، ولكن بنسب متفاوتة، وصفات المرأة التي تتسم بالعاطفة الجياشة والحنان تجعلنا نشعر بأنها أكثر إخلاصا من الرجل في حال المرض، كل ذلك لا يمنع من وجود نماذج من الرجال في غاية الإخلاص، فالعلاقات الإنسانية نسبية وليست ثابتة، فليس ثمة إنسان مخلص بشكل مطلق، سواء كان ذكرا أو أنثى". وأشارت عنود إلى أن مجتمعاتنا العربية تضخم الأمور في بعض الأحيان، فما إن نسمع بأن امرأة اهتمت بزوجها في حال المرض، وأن فلاناً تزوج على زوجته المريضة حتى يتناقل الناس تلك الحالات، ويعمموها على شخصي الرجل والمرأة".