عندما يخلص القارئ من قراءة "مساء مختلف"، وهي المجموعة القصصية الصادرة حديثا لفهد الخليوي عن نادي الرياض الأدبي، يخرج بانطباع أن الكاتب لا يكتب من أجل إشهار اسمه، ولا يؤمن بأن الإبداع لا يكون إلا في التبعية لطرف ضد طرف آخر، ولا يعتقد أن نجاحه قاصا أو كاتبا مرتهن بالالتزام بما تعارف عليه النقاد التقليديون من شروط وضوابط محددة تقتضيها مرحلة معينة في زمن طارئ معين. هكذا يقدم الناقد التونسي عباس سليمان للمجموعة الجديدة لواحد من أهم الأسماء الإبداعية التي تصنفها الدراسات ضمن كتاب التيار الجديد في عالم القصة القصيرة في السعودية، والذي يرجع لمطالع السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، وهو الجيل الذي مهد لحركة التحديث في كتابة القصة بالسعودية. ويلفت سليمان إلى أن قراءة المجموعة حملته إلى ملاحظات من أبرزها أن كتابة العادي لم تعد تثير المتلقي ولا الإعلام المصاحب لحركة نشر الكتب ولم تعد الكتابة من أجل تحقيق المتعة وحدها إستراتيجية تتلاءم مع قارئ المتعة في الألفية الثالثة الذي تجاوز فهم القراءة على أنها صيد للمعاني ولمغازي الكاتب إلى كونها بناء للنص. ويلاحظ المتابع لما يكتبه الخليوي - بحسب سليمان - منذ مجموعته الأولى الصادرة قبل عامين عن أدبي الشرقية "رياح وأجراس" اختلافه عن السائد في القص، فالكتابة عنده تكثيف وإيحاء لا إسهاب فيها ولا استطراد تراكمي، أي أن نصوصه تبتني على الاختلاف وعلى العدول مبنى ومعنى عما اعتاده القص وهو ما يبوئها لأن تكون قصصا جديرة بالقراءة والمتابعة. ويؤكد هذا الاختلاف وجود 24 نصا ضمن المجموعة، وهو ما قد يعتبر رقما كبيرا لمجموعة قصصية، لكن الاختزال والتكثيف، يجعل الأمر يبدو مقبولا ومعبرا عن نهج الخليوي الفني في الكتابة الذي ظل يراهن عليه على مدى تجربته الإبداعية الممتدة لما ينيف عن أربعين عاما.