لم يقتله السيل داخل غرفته المتهالكة بحي غليل في جدة، بل أعاده إلى الحياة، كأنه جاء ليجبر إهمال ذوي القربى. لم يكن للتسعيني حسن سوى فاعلة خير هي أم أميرة، وهي سيدة في العقد الرابع ليست بأفضل حالاً منه من حيث الفقر والعوز وقلة ذات اليد، ولكنها قاسمته مع أطفالها ال6 ما توفر لهم من لقمة العيش، وجاورته في السكن بعد أن حكى لها بعض الجيران حاله فرقّ قلبها وتعهدت برعايته في ظل سوء حالته الصحية والمادية، وعجز باحثو الضمان الاجتماعي عن الوصول إليه، حتى جاء السيل فكشف عنه. قصة المسن ترويها أم أميرة قائلة إنه ذكر لها قبل أعوام أن عائلته هجروا مساكنهم بعد حرب الخليج الأخيرة وانقطعت به السبل ولا يعلم أين رحلوا وظل هو على حاله في الغرفة التي وهبها له مالك المنزل والتي تتكون من دورة مياه وممر ضيق.