مشكلة هروب العمالة مشكلة أبدية ملازمة لحياة المواطن المغلوب على أمره، لا تحرك هذه المشكلة ساكنا ولا ضميرا ولا همة أحد، ولا تجد تفاعلا مناسبا من كافة الجهات ذات العلاقة فيصبح الكفيل مجرد فريسة سهلة لمكاتب الاستقدام وتأرجح أسعارها وهروب عمالتها عن الأنظار بمجرد أن تطأ أقدامهم تراب هذه الأرض، فتبدأ دوامة البحث واستعادة الحقوق الضائعة دون جدوى ويتردد الكفلاء على مراكز الشرط وأقسام الترحيل والهروب وإدارات الجوازات في مشهد بيروقراطي طابعه دائما كثرة المراجعة، وتعبئة نماذج الأوراق ليس إلا واستعطاف الآخرين لوضع حد نهائي لهذه المعاملة التي قد تتكرر فصولها مرات عدة خلال العام الواحد، مكاتب استقدام هذه العمالة مجرد كباري لدخول جحافل البشر لا هم لأصحابها سوى تحقيق أرباح طائلة دون الالتفات لأمن واستقرار هذه البلاد ولا حتى مصالح وحقوق العباد. الهروب مجرد جريمة عادية لا تمثل شيئا في نظر البعض بينما هي جريمة كبرى تمثل قمة العبث بحقوق ومكتسبات وأمن أي مجتمع، وتضغط بقوتها على ميزانيات الوطن والمواطن وحتى الأحكام التي تصدر وتطبق بحق هذه العمالة ما هي إلا مجرد مضادات حيوية ومهدئات وقتية لعودة أولئك الهاربين مجددا لهذه الأرض بفيز العمرة والحج والزيارة وبأسماء مستعارة وجوازات مزورة وعبر منافذنا ومطاراتنا دون الالتفات لدعاية البصمة وتفاصيل الوجه. جرائم هذه العمالة الهاربة ما هي إلا إفرازات حقيقية طوت صفحاتها التحقيقات المطولة دون الوصول لنتائج تذكر وبتعاطف كبير مع قضية البحث عن لقمة العيش على حساب أمن واستقرار وحقوق الوطن والمواطن. ستبقى هذه المشكلة دون حلول وأسبابها معروفة وكرة مسؤوليتها تتقاذف ما بين مكاتب العمل ومراكز الشرطة وإدارة الجوازات ومكاتب استقدام العمالة والمتضرر الأول والأخير هو الكفيل الذي استقدم "فص ملح وذاب".