نحن بحاجة اليوم في عصر العالم الرقمي المتمثل في الفضائيات والإنترنت وتقنية الجوالات وما يتم فيها من رسائل وبريد ومحادثات تشكل المفاهيم وتؤدي إلى الانحياز والبعد الفهمي وتكوين مفردات ثقافية تؤسس للبعد الوجداني الذي هو أحوج ما يكون إلى "العافية الذهنية " التي من خلالها نفرز الكثير من الملفات الذهنية التي هي بحاجة إلى فلترة وحذف وتقويم بقدر المستطاع للحد من آثارها السلبية على المحاكمة العقلية والبرهان " قل هاتوا برهانكم "والبعد عن الممارسة الانفعالية" ومن خلال هذه الممارسة نستطيع أن نملأ جهازنا المعرفي بقيم وأنماط فكرية ومصطلحات وفرضيات وأقيسة وتفضيلات ومحاكمات عقلية ومقاربات ومقارنات نستطيع من خلالها أن نصل إلى مقاربة الحقيقة دون تشويه أو حذف أو تعميم فضلاً عن التهويل أو التهوين في معالجة القضايا العالقة في الساحة الاجتماعية. إن الاشتغال على "العافية الذهنية" فريضة وفضيلة والنخب الفكرية هي أحوج ما يكون إلى التواضع للخروج من دائرة التحيز حتى يقفوا بأدوات الفهم على صخرة الحقيقة بكثافة حسية ومعرفية من خلالها يهدمون مفاهيم ومصطلحات وأنماطا فكرية تدعي الوصول إلى الحق والحقيقة. وهذا التشخيص الثقافي كفيل بالوقوف من النفس موقف الشك والتواضع الذي به يستطيع أن يصف ويحلل ويشخص الواقع من خلال عدسة تبصر أدق التفاصيل للاستبصار بعين اليقين للوصول إلى حق اليقين.