من الممكن أن يختلط عليك الأمر في الوهلة الأولى، وأنت تشاهد قاعات الاختبارات في مدارس التعليم العام، تعج بطلاب من كبار السن في بعض الفصول، وهم يجلسون على مقاعد الاختبار، مثلهم مثل طلاب الثانويات الأصغر سنا منهم، والبعض في عمر أبنائهم، يمارسون دور الطلاب في استلام الأسئلة والإجابة عليها. فرغم مرور سنين طويلة على انقطاعهم عن مقاعد الدراسة، قد تصل عند البعض منهم إلى ربع قرن من الزمان، إلا أن طلاب الانتساب (منازل) والذين يتواجدون في فترة الاختبارات فقط، ترى كثيرا منهم يجدون أملا في الحصول على شهادة، تساعدهم على الظفر بترقية أو علاوة في أماكن عملهم، تمكنهم من الإيفاء بمتطلبات الحياة. هدف واحد رغم اختلاف أهداف "المنتسين" واستراتيجيتهم، وراء الجلوس على مقاعد الدراسة، إلا أنهم يتفقون على أهمية اجتياز الاختبارات بجد ورغبة كبيرة، للحصول على الشهادة التي قد تسهل عليهم الكثير من الصعوبات التي قد يواجهونها في وظائفهم الحالية. وبالرغم من صعوبة الاستذكار عند الكثير من هؤلاء، بسبب التقدم في السن، وانشغالهم بأمور الحياة، يجد المنتسب نفسه مضطرا إلى اللجوء لإكمال دراسته، والحصول على شهادة الثانوية العامة كأقل تقدير، إذا كان يريد أن يحسن من مستواه المعيشي والوظيفي والثقافي. قطاعات مختلفة مع اختلاف شرائح المنتسبين القادمين من مختلف الإدارات الحكومية والقطاع الخاص كما القطاعات العسكرية، إلا أن منسوبي القطاعات العسكرية يمثلون الشريحة الكبرى من هؤلاء، والذين تسهل لهم قطاعاتهم الترقية، في حال أحضروا شهادات النجاح. ويطالب هؤلاء المنتسبون وزارة التربية والتعليم ب"النظر لهم بعين الاهتمام، وعدم معاملتهم معاملة الطلاب المنتظمين، والذين تتوفر لهم ظروف مساعدة، مثل المعلمين الذين يشرحون لهم دروسهم، وهو الشيء الذي يفتقده المنتسبون" بحسب ما تحدث به عدد منهم إلى "الوطن". اغتنام الفرص العريف بمركز شرطة الخالدية بالمدينةالمنورة، هاني الردادي، والذي انتسب في إحدى الثانويات، لأداء الاختبارات في الصف الأول الثانوي، تحدث لنا عن تجربته، قائلا "إن جميع العسكريين يسعون في مثل هذه الفترة إلى اغتنام فرصة الاختبارات، للحصول على شهادات تمكنهم من التقدم في سلم الترقيات"، مطالبا ب"ضرورة فتح دروس تقوية مسائية، برسوم مناسبة في بعض المواد، في المدارس الحكومية، من أجل التسجيل فيها، لمن لا يجد من يشرح له بعض المناهج، التي تحتاج إلى شرح من قبل المدرس، ولا يكتفى فيها بالاستذكار الذاتي كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء"، مؤكدا أن "هذا الأمر سيعود بالفائدة على جميع الأطراف، سواء طلاب الانتساب، أو المعلمون الذين يقومون بتدريس هذه المواد"، مؤكدا "صعوبة إحضار مدرسين خصوصيين للطلاب المنتسبين، نظرا لارتفاع أسعارهم، والتي تصل إلى 1500 ريال في المادة الواحدة". وضع خاص من جهته، يطالب الجندي أول سامي عواد الخطيب، ب"مراعاة وضع الطلاب المنتسبين في مدارس التعليم العام، في وضع الأسئلة والتصحيح"، مشيرا إلى أنه انقطع عن الدراسة منذ 12 عاما، وليس لديه القدرة السابقة في الاستذكار. مقترحا في هذا الوضع "تخصيص مناهج محددة لطلاب الانتساب، لتسهيل مراجعة هذه المواد عليهم أثناء فترة الاختبارات، نظرا لاختلاف وضع الطلاب المنتسبين عن الطلاب المنتظمين. حيث يعتمد الطلاب المنتسبون على أنفسهم في فهم المواد، والتي يصعب عليهم فهمها، خصوصا المواد العلمية التي لا بد فيها من إحضار مدرسين خصوصيين لفهمها". تمييز بين الطلاب! "هنالك تفرقة واضحة بين الطلاب المنتظمين والطلاب المنتسبين، حيث لدى طالب الانتظام الفرصة في التجاوز لمادتين في الصف الأول الثانوي، بينما لا توجد هذه الميزة عند طلاب الانتساب، رغم أهمية وجودها لهم"، هذا ما يراه الموظف بالقطاع الخاص، مسفر البيشي، والمنتسب في المرحلة الثانوية. فيما يؤكد رشدان السحيمي، أنهم يعتمدون كطلاب منتسبين على "شراء الملخصات الموجودة في بعض المكتبات"، مشيرا إلى أن "أغلب هذه الملخصات قديمة"، لكنهم يجبرون على شرائها ل"مذاكرتها خلال فترة الاختبارات". ويطالب رشدان ب"وجود تنظيم للطلاب المنتسبين خلال فترة الاختبارات، وتأمين دروس تقوية يتم تأمينها من قبل إدارة التربية والتعليم، لكيلا يتم استغلالهم من قبل المدرسين الخصوصيين، وحتى تساعدهم في فهم بعض المقررات، خصوصا المقررات العلمية". 1500 منتسب مدير إدارة القبول والاختبارات بإدارة التربية والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة، الدكتور عويضة البلادي أبان أن "عدد الطلاب المنتسبين في المرحلتين المتوسطة والثانوية بلغ قرابة 1500 منتسب، معظمهم من القطاعات العسكرية". نقاط الترقية "الشهادات التي يتم تقديمها من قبل الأفراد في شرطة المدينةالمنورة، يحصل على ضوئها على نقاط، تعطيه أولوية في الترقية"، هذا ما ذكره ل"الوطن" مدير شؤون الأفراد بشرطة المدينةالمنورة، العقيد إبراهيم نصار، مشيرا إلى أنه "كلما كانت الشهادة أعلى عند هذا الفرد، كانت له الأولوية في الترقية"، مؤكدا أن ذلك "ينطبق على الأفراد القدامى، الذين يمتلكون شهادات المرحلة المتوسطة، حيث لا يتم في الوقت الراهن التجنيد، إلا بوجود شهادة الثانوية العامة".