في قويزة جدة، أطلق حكم المباراة صافرة البداية لمباراة بين فريقين من الشباب جاؤوا ليمارسوا هوايتهم في لعب كرة القدم ليعلن معها صافرة عودة الروح لهذا الحي المنكوب، الذي كان أكثر الأحياء تضرراً بعد كارثة الأربعاء الماضي. وما إن تنفس الحي الصعداء حتى عادت الحياة إلى المتاجر لتمارس نشاطها من جديد، وخرج السكان يتبادلون أطراف الحديث ويعيدون شريط ذكريات الأمطار. جلس العم صالح القرني متوسداً فرشته التي اختفى لونها بفعل الشمس وإبريق شاي بجانبه يسامر نفسه، ينتظر أصدقاء الحي ليطمئن عليهم. يقول العم صالح "أتمنى أن تزول الفاجعة وتعود جدة إلى سابق عهدها، كنا خائفين ونترقب ولكن الحمد لله على قضائه وقدره .. الشوارع مازالت تعاني، ومع ذلك خرج الجميع من منازلهم لينفضوا الأنقاض من على جدرانهم". وفي شارع جاك بقويزة، كانت المركبات تصارع المرور، ومما زاد الطين بلة مركبات كبيرة تزاحم مثيلاتها الصغيرة مما سبب ازدحاما مروريا شديدا. "الوطن" رصدت حياة أخرى لأطفال خرجوا من منازلهم، ليلهوا مع أقرانهم وأصوات ضحكاتهم تملأ الحي. ونساء نزلن إلى الأرض يحملن أمتعتهن متوجهات إلى غير هدى إيذانا بحياة جديدة. المنازل التاريخية في المنطقة التاريخية بجدة "التاريخ" على وشك الانهيار والمعالم الجميلة بدأت تختفي تدريجياً غير المنازل التي سقطت بفعل الأمطار، وسكانها يندبون الحظ. أحد هؤلاء السكان يدعى سالم علي تحدث بحرقة، قائلا "التاريخ ينهار وزمن الذكريات الجميلة بدأ يختفي، ولم يبق سوى أخشاب معدودة تصارع للبقاء". ويضيف "هناك نحو 5 منازل سقطت بفعل الأمطار والحمد لله لم يكن بداخلها أحد". ويطالب باهتمام أكبر حفاظاً على تاريخ جدة، وتكاتف الجميع لتعود المنطقة التاريخية إلى زمانها الجميل. 14 فرقة تطوعية إلى ذلك، قامت أمس لجنة تنسيق العمل الاجتماعي والخيري ومن خلال أكثر من 14 فرقة عمل بتوزيع ألفي سلة غذائية على سكان وأهالي الأحياء المتضررة من الأمطار والسيول التي أصابت المحافظة والتي وصل عددها إلى 23 حياً منها أم الخير والنخيل والنسيم وبني مالك والشرفية والحمراء وغليل والجامعة والتوفيق والسامر ( 3و4) والأجواد والرويس والثغر والبلد. وكشف رئيس اللجنة مازن بن محمد بترجي أن توزيع هذه المساعدات كان من خلال أكثر من ألفي متطوع ميداني، حيث تتولى اللجنة مهمة تأهيل الأحياء والإمدادات والمساندة وخدمات المستودعات ومساعدة الأحياء المتضررة ومساندة المتبرعين والخدمات العامة، حيث بدأت في هذه المهام عقب الأمطار مباشرة وفق برنامج زمني وآلية محكمة بالتعاون مع مختلف الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني وأصحاب وصاحبات الأعمال. وقال "مازالت اللجنة تتلقى المواد الغذائية والمساعدات التموينية المختلفة عبر مقرها بمركز جدة الدولي للمنتديات والفعاليات، حيث يتم فرزها لتسليمها لمستحقيها". وأضاف أن اللجنة حددت رقماً موحداً للاتصال والاستفسار هو 920001424 إلى جانب إطلاقها لموقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت www.forjeddah.org لتسهيل مهمتها في هذا العمل الاجتماعي الإنساني. 21 فرقة إسعافية وفي السياق نفسه، جهز فرع الهلال الأحمر بمنطقة مكةالمكرمة نحو 21 فرقة إسعافية وطائرتين وسيارات إسعاف احتياطية بلغت 12 سيارة لتكون على أهبة الاستعداد لمساعدة المتضررين. وقال مدير الفرع الدكتور خالد حبشي في تصريح إلى "الوطن" إنه ومنذ إعلان حالة الطوارئ بدأت فرق من الهلال الأحمر بالانتشار لمساعدة المتضررين جراء السيول، مشيرا إلى أن الفرع تلقى منذ بداية هطول الأمطار ما يقارب 2100 بلاغ. وقال إن سيارات الإسعاف وجدت صعوبة في الوصول إلى المناطق المتضررة لكثافة المياه المتجمعة، إضافة إلى تعطل عدد كبير من سيارات المواطنين مما اضطر المسعفين إلى السير على أقدامهم لمساعدة المتضررين. إيواء 700 من جانبها، كشفت لجنة تنسيق العمل الاجتماعي والخيري بالمحافظة عن تنفيذ برنامج إيوائها لمتضرري الأمطار والسيول، حيث تمكنت من إيواء أكثر من 700 شخص. وأوضحت عضو اللجنة فاتن بندقجي أنه تم تحديد الأماكن المتضررة عن طريق الفرق الميدانية والتأكد من حالة المتضررين عن طريق رؤساء الفرق الميدانية. كما جرى تأمين جميع الاحتياجات الخاصة من مواد غذائية ومواد طبية إلى جانب الخدمات المساندة والمتمثلة في 30 سيارة دفع رباعي مجهزة لإخلاء المتضررين وحافلتين مقدمتين من شركة قوافل حمولة 52 راكبا، إضافة إلى الدعم المقدم من باقي الفرق الغذائية والميدانية والطبية.