أنعش جريان وادي العقيق في المدينةالمنورة الحياة الفوتغرافية، لتوثيق أجمل اللحظات التي نادرا ما تشهدها المنطقة بسريان أشهر أوديتها «العقيق»، الذي يحظى منذ أزمنة بعيدة باهتمام وتطلعات الناس، إذ بنيت عليه قصور منذ العهد الأموي والعباسي، وظلت بقايا منها حتى اليوم، فيما أنشئت البساتين والمزارع على ضفافه، وظهر أبناء المدينةالمنورة منذ أيام على ضفاف نهر العقيق، لما له من ذاكرة وأحاديث وحكايات تجعلهم يفضلونه وكون جريانه يعتبر حدثا لا يتكرر كثيرا. نهر دائم الجريان في السابق قال المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المهندس حسان طاهر: كان وادي العقيق المبارك في العصور السابقة أشبه بنهر دائم الجريان، لدرجة أنه كان يسمى نهر العقيق لذلك قامت على ضفافه حضارة كاملة سادت ثم بادت فبنيت القصور والحصون والبساتين ازدهر الوادي في العهد النبوي، ووصلت ذروة ازدهاره في العصر الأموي. كما أن الأودية مع ما يحيطها من الجبال والحرات قد كونت السمة السائدة للتكوين الطبيعي في الوادي، ولعبت دورا كبيرا في التعبير عن خصائص المدينةالمنورة الطبيعية. وقد تميزت المدينة بأودية داخلية وخارجية تمر بها، مما أنعش حرفة الزراعة التي اشتهرت بها قديما. وأضاف: من نعم الله على خلقه أن جعل هذه الأودية في مسارات متعرجة لتقليل وكبح قوة تدفق المياه التي تحملها، كما أثار جمال وادي العقيق غريزة الشعار وكتبوا عنه: يا عقيقا بالخير فاضت نسائمْهُ بالفؤاد تهيمُ وفيك طلائع البِشرُ كانت ضفافك بالقصور شواهدٌ لكريمِ حُسنك والمياه جداولُ 5 أودية شهيرة أوضح الباحث في تاريخ ومعالم المدينةالمنورة عبدالغفور بن عبدالله شفيع أن المدينةالمنورة شرفها الله وميزها بأمور عن بقية بقاع الدنيا، ومن هذه الأشياء التي تميزت بها أماكن مباركة ومن هذه الأماكن وادي العقيق فهو أحد أشهر أودية المدينةالمنورة وهي: وادي بطحان، ووادي قناة، ووادي الرانوناء، ووادي مهزور، ووادي العقيق. فوادي العقيق هو الوادي المبارك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك». وسمي بالعقيق لأنه عق في الحرة أي شق طريقه في الحرة وقيل لحمرة ترابه. وورد فيه عن عامر بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى العقيق ثم رجع فقال يا عائشة جئنا من هذا العقيق، فما ألين موطئه وأعذب ماءه، قالت: يا رسول الله أفلا ننتقل إليه قالوا كيف وقد ابتنى الناس. وورد أن عمر رضي الله عنه كان إذا انتهى إليه أن وادي العقيق قد سال قال اذهبوا بنا إلى هذا الوادي المبارك وإلى الماء، الذي لو جاءنا من حيث جاء لتمسحنا به. أقسام العقيق ينقسم وادي عقيق إلى ثلاثة أقسام هي: العقيق الصغير وهو الذي فيه بئر عثمان رضي الله عنه (بئر رومة)، والعقيق الكبير وهو الذي فيه بئر عروة بن الزبير رحمه الله، والعقيق الأكبر وهو الذي فيه مسجد الميقات وآبار علي ويمتد إلى النقيع. ويبلغ طول العقيق من زغابة إلى مصبه في قناة، نحوا من 10 كيلومترات، ويتسع في ضفتيه المزروعتين في نحو اثنين كيلومتر، عشرين كيلو مترا موزعة في أقسامها على أسمائها: العنابس- القبلتين - الجرف - حمى أم خالد - العرصة الصغرى - العرصة الكبرى، وبأطرافه من الجانب الشرقي مناطق لها أسماء: كيثرب - البركة - الصمغة كومة أبى الحمراء الرابص - زَبَالَة - زهرة وهنا اتصلت بالمناطق الشرقية من ناحية حرة واقم. وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيق لرجل اسمه هيضم المزني، ولم تزل الولاة على المدينة الشريفة يولون عليه واليا، حتى كان داود بن عيسى فتركه في سنة ثمان وتسعين ومائة. وابتنى الناس بالعقيق من خلافة عثمان رضي الله عنه ونزلوه وحفروا به الآبار وغرسوا فيه النخيل والأشجار، من جميع نواحيه على جانبي وادي العقيق إلى الجماوات، ونزل فيه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم أبو هريرة وسعيد بن العاص وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد، وماتوا جميعهم به وحملوا إلى المدينة ودفنوا في البقيع، وكذلك سكنه جماعة من التابعين ومن بعدهم، وكانت فيه القصور المشيدة والآبار العذبة، ولأهلها أخبار مستحسنة وأشعار رائقة.