اليوم الوطني يوم لا تفي في حقه الأوصاف، ولا تكفي لإنصافه الحروف. يوم يحتفل به الكل، أطفال يكتسون باللون الأخضر، يهتفون ويُنشدون، وغلمان يرقصون فرحا. يحتفلون رجالا ونساء، كل على طريقته، فالكاتب يسكب العلم للعصر حبرا، والجندي يكتب بالدم للنصر خبرا، وشابة تحتفل بإسهام ليوم الوطن، وامرأة! لا تبني كغيرها الأمجاد فحسب، بل تبني من يبنيها. أيتها المدرسة: ما دورك في هذا اليوم؟ مشكلة فرحة الطلاب بأي إجازة تحتاج لمن يحفر لجذورها، فمن الطبيعي في هذا الوضع أن يفرحوا باليوم الوطني كإجازة! لكن سؤالي للمدرسة، لعمادها، لا لأعمدتها هو: كيف تبنون فكرة اليوم الوطني في عقول وقلوب وأرواح أبنائنا؟ كيف تهيئونهم له؟ وبم تستقبلونهم بعده؟ والأهم كيف يُبلون فيه؟ ليس الهدف تحريك النشاط التجاري للبضاعة الخضراء في الأسواق التجارية، والمترقبة لهذا اليوم. ولا أن يكتسي الطالب باللون الأخضر، ولا أن يحفظ أنشودة. الأهم أن ينبع الحس الوطني من داخله، وأن يُعبر عنه بأي لغة، ولو لم تكن مقفّاة وموزونة، فيكفي أن تكون قافيتها معاني الوطنية، ووزنها الحس الصادق. ماذا فعلت في سبيل ذلك أيتها المدرسة؟ أعلم جيدا أنني أثقل عادة على المدرسة، لعلمي بأهميتها القصوى، ويقيني بأنها المنطلق لكل الوجهات. وأنا.. إنما أسعى لأكون لكِ الابن البار. فليس طبيب الجراحة أحرص على العاطفة، من استخراج المشكلة، أو حل المعضلة، وإن صاحب ذلك الألم. وليس هنالك أسوأ ممن قد يخيط الجرح -بعد فتحه- دون علاج. إن أكثر من تعلمت عنهم في مراحل دراساتي المختلفة، كانوا أشداء -لأجل طلبتهم. منهم من كنا نحبه صغارا، ولم نر ثمرة لتعليمه حينما أصبحنا كبارا، وفي كل خير. كلنا نرى ما يُكال من بضاعة مزجاة في أخلاق الشباب ذلك اليوم، وكأنهم بدون حسيب ولا رقيب. هل نحتاج لوكيل عليهم؟ نحتاج لقائد يقوم بما ينبغي في مشروع مهم تجاههم، نحتاج لمن يعلمهم، ومن يرشدهم لما يجب، وما لا يجب. ليس هناك أفضل لهذه المهمة، من قائد المدرسة ووكيلها ومرشدها ومعلمها، فهم من يعالجونهم طوال العام، وهم من يملكون الخبرة للتعامل معهم، وهم من يُوكل لهم أمر تربيتهم وتنشئتهم.