سيد البيد غادرها ظامئا في المساء وودعنا صامتا وهي تمطر والأرض معشبة حوله والسماء تحلق في بعدها وهو يومئ مستشرفا زمنا في السماء هكذا مضى سيد البيد في آخر النهر والقلب إلى السماء والناس يظنون أن الرحلة إلى السماء غياب وأنها الحضور في الخلود الأبدي. ذهب الشاعر وهو يردد" ترتيلة البدء" وفي الختام ، بعد أن كابد الأرض والماء والأرجوان (ما احتسى غير كأس ثمالتها: الشعر والأرض والماء والأرجوان) رحل شاعر التضاريس بعد أن ملأ زمنه الشعري بشاعرية الصوت الجديد. ودهشة اللغة المبتكرة ولماحية الصورة المشتعلة بالأنهار والذهول والغموض الشفيف والنبض الرهيف ما مر كالطيف وإنما عبر في البراري الظمأ واللهفة يجتلي في الفضاءات البعيدة ينابيع محبته لماء جديد. ذهب ولم يترك عنوانه، ولكنه نقش حرفه في أيقونات جيلين من الشعراء، الذين أشرأبت وجوههم بعده وعليهم سيماء: التضاريس .. والشاذلية والزعفران والعنب الرازقي والدرك. رحم الله سيد البيد والعزاء فيه مقام.