عبدالله العنزي من يلاحظ الهجمة المباشرة على المملكة العربية السعودية في هذه الأيام عبر وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، يعلم جيدا أن السعودية أصبحت مصدر قلق لكل من له أطماع في المنطقة العربية، فنموها الاقتصادي والسياسي بات يلعب أدوارا متعددة ومرنة على المسرح الدولي في عدة قضايا دولية وإقليمية. لكن ما تجاوز حد المعقول ضمن سياق هذه الهجمة ما صرحت به (كاقتراح) المفوضية الأوروبية، بإدراج سبع دول جديدة بينها السعودية على قائمة الاتحاد الأوروبي للدول التي لا تبذل جهودا كافية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.! أعتقد من حق مجموعة FATF أن تتخذ الموقف الذي تريده ضد أي دولة تتهاون في مكافحة جرائم الإرهاب وغسل الأموال، لكن كان بودي أن تبذل جهدها ولو يسيرا بعدم التناقض والإقرار بجهود المملكة العربية السعودية في مكافحة جرائم غسل الأموال، فاقتراحها في تقديري لا قيمة له، فالمملكة منذ تأسيس المجموعة في باريس سنة 1989 من أكثر الدول تعاونا معها، وتطبيقا لمتطلباتها.! فعلى مستوى القطاع المالي تقوم مؤسسة النقد بإجراءات صارمة ضد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كالمهام التفتيشية المستمرة والدولية على المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافها، ورصد المخالفات والتنسيق المباشر مع الإدارة العامة للتحريات المالية بوزارة الداخلية في أي اشتباه، أضف إلى ذلك جهود المملكة في التشريعات القانونية التي تحقق المتطلبات الدولية، وتواكب كل ما يستجد من ممارسات في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فقد تم تعديل وتحديث نصوص نظام مكافحة غسل الأموال بالمرسوم ملكي رقم م/ 31 بتاريخ 11/ 5/ 1433 لتصبح قواعد النظام مواكبة لكل المستجدات الحديثة، ومع هذه الجهود التشريعية هنالك لجنة دائمة لمكافحة جرائم غسل الأموال لها جهود مستمرة، وتقوم بورش عمل وتصدر تقارير وتخرج بتوصيات على ضوء المعلومات الكمية والنوعية، والتي منها الإحصاءات الواردة من الجهات المعنية، والاستبيانات المعدة من فرق عمل التقييم الوطني للمخاطر المرتبطة بالقطاع المالي، والاجتماعات الثنائية مع الجهات المعنية، والتقارير السنوية الوطنية الصادرة من عدد من الجهات التي لها علاقة بجرائم غسل الأموال، وتقارير التحليل الإستراتيجي الصادرة من الإدارة العامة للتحريات المالية بوزارة الداخلية، والدراسات الأكاديمية والدراسات الصادرة من مراكز البحوث الحكومية، وأحكام الإدانات القضائية الصادرة من المحاكم، وغيرها من نتائج ورش العمل الخاصة بتقييم المخاطر في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كل ذلك بغية الوصول إلى أعلى مستوى في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى المحلي والدولي. في ظل ما سبق من الجهود، أؤكد على عدم تهاون المملكة بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولكن أتمنى ألا تركب مجموعة العمل المالي FATF الموجة مع الحملة الإعلامية الشرسة ضد المملكة العربية السعودية، فنذكرها بإشادتها بتقريرها الصادر مؤخرا بالتدابير التي تتخذها المملكة بهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتزام المملكة الفني بالتوصيات الأربعين الصادرة عن المجموعة.