هناك العديد من الشكاوى التي يطلقها الموظفون في القطاع الخاص في المملكة حول مدى رضاهم عن وظائفهم ودرجة التزامهم بها وبالأماكن التي يعملون بها، ولكن دراسة حديثة أثبتت أن حالة الالتزام والرضا بالوظائف في القطاع الخاص قد تكون أعلى بكثير من المتصور عنها. فقد أظهرت دراسة أجرتها "هاي جروب" وحصلت عليها" الوطن" حصريا أن 86% من موظفي الشركات في المملكة يشعرون بأنهم يمتلكون الحافز الذي يدفعهم لتقديم أفضل ما لديهم (أي أنهم "ملتزمون" بوظائفهم الحالية) حيث يرغب هؤلاء بتقديم المزيد لوظائفهم لكنهم قد لا يلقون التشجيع المناسب من شركاتهم. وكانت "هاي جروب "وهي أكبر شركة استشارات إدارية في العالم قد أجرت الدراسة على 3000 موظف و 300 مدير تنفيذي في المملكة، حيث أظهرت أن 52% من الموظفين ملتزمون ولديهم الوسائل والدعم الذي يمكنهم لتقديم أفضل ما لديهم، فيما لا يمتلك 34% من إجمالي العاملين في الشركات السعودية وسائل ودعما كافيا إلا أنهم مازالوا ملتزمين بشركاتهم ووظائفهم وبذلك يكون إجمالي الموظفين في المملكة قد بلغ 86% وهو معدل مرتفع بسحب رئيس وحدة استشارات التزام الموظفين بشركة "هاي جروب" في منطقة الشرق الأوسط يان مارسلي. ويقول مارسلي في حديثه أمس إلى "الوطن": "بالنسبة لاقتصاد كبير مثل المملكة فإن مثل هذه النسبة هي معدل مرتفع حيث لا تتمتع غالبية الاقتصادات الكبيرة في الشرق الأوسط والأسواق الناشئة بنفس مستوى الالتزام." وفيما يتعلق بالموظفين غير الملتزمين في المملكة الذين يقولون إنهم يعملون في وظائف تدفع إلى الإحباط والابتعاد عن الفاعلية والالتزام والبالغ نسبتهم 14% فإن 2% منهم فقط غير ملتزمين ولكنهم يمتلكون كل المقومات لكي ينتجوا بصورة أفضل في عملهم في الوقت الذي يقول فيه ال12% المتبقون إنهم غير ملتزمين لأنهم لا يملكون الدعم ولا المقومات الكافية في أعمالهم لتقديم أفضل ما عندهم. ولكن هناك بعض الأخبار الجيدة، حيث وجدت الدراسة أن معظم الإدارات السعودية تعرف كون عدم التزام الموظفين هو أحد ثلاثة أهم أخطار قد تواجهها الشركات وأن هناك فرصة كبيرة لتفادي هذه الأخطار ودفع هذه الأرقام إلى خانة "الموظفين المؤثرين". وتقول "هاي جروب" في الدراسة إنه يبدو أن أعضاء الإدارة العليا والمديرين التنفيذين هم من يتحملون العبء الأكبر في تحديد مدى التزام الموظفين، حيث يؤمن 41% من المدراء التنفيذيين بأنهم يتحملون مسؤولية تحديد مستويات التزام الموظفين، بينما يعتقد 35% ممن ينتمون إلى طبقة الإدارة المتوسطة والدنيا أنهم يتوقعون من مسؤولهم المباشر تحديد المستويات الشخصية للارتباط والتحفيز فيما يؤمن 22 % آخرين بأهمية تأثير المدير التنفيذي/ فريق الإدارة العليا على مستوياتهم الشخصية للارتباط والتحفيز. وأجرت "هاي جروب" دراسة أخرى عن مدى التزام الموظفين في المملكة ولكن هذه الدراسة كانت من أجل مقارنتهم مع باقي العالم والمنطقة، وتم توسيع العينة لتصبح 30,000 موظف بدلاً من 3000 موظف بحسب ما أوضحه مارسلي ل"الوطن". وفي الدراسة المقارنة جاءت المملكة في المرتبة السادسة عالمياً من ناحية التزام الموظفين فيها بأعمالهم، وهي مرتبة أعلى من دول أخرى متقدمة مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا والسويد، نظراً لأن حجم سوق العمل في هذه الدول أكبر من حجم سوق العمل في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط. ونظراً لزيادة حجم الموظفين الذين تم استجوابهم في الدراسة الثانية الموسعة فإن نسبة الالتزام من قبل الموظفين في المملكة أصبحت 71.5%. واحتلت تركيا المرتبة الأولى من ناحية الالتزام بنسبة 75.4% تليها مصر بنسبة 74% وألمانيا بنسبة 73.6% والبرازيل رابعا (73%) وعمان خامساً (71.6%). وتعليقاً على النتائج العالمية للدراسة أكد رئيس قسم الالتزام في "هاي جروب" على مستوى العالم بين هوبارد في تصريحات مصاحبة للدراسة أنه يمكن أن يكون للموظفين غير الملتزمين أثر ضار على الشركات، حيث تقدر الدراسة التي قامت بها هاي جروب بأن المؤسسات التي تمتلك معدلات عالية لكل من الالتزام والتمكين تشهد معدلات نمو أكثر بمعدل 4.5 من مثيلاتها مما يؤكد على أهمية تركيز الشركات على التزام موظفيها لتفادي الخسارة المالية بالإضافة إلى خسارة موظفيها الموهوبين. وأضاف هوبارد: "لقد شهدت بيئة العمل في الشركات تغييرات كبيرة منذ الأزمة العالمية مما يدفع الشركات إلى إعادة تقييم المنهجيات المتبعة سابقا في تعزيز مستويات الالتزام لدى موظفيها حيث يمكن للمدراء التنفيذيين الابتعاد بجو العمل عن الإجهاد والإحباط عن طريق معرفة العوامل الحقيقية المحفزة للموظفين".