انتقدت أستاذة جامعية متخصصة في البحث التاريخي ما يواجهه الباحث في تاريخ المملكة العربية السعودية من صعوبات ، أبرزها ما يتردد حول "حساسية" بعض الأحداث والقضايا التاريخية. وقالت أستاذة التاريخ بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة دلال مخلد الحربي ل"الوطن: تتكون من هذا المصطلح منطقة أشبه ما تكون بالمحرمة التي يحتاج الباحث أما للقفز من فوقها أو التحايل عليها ، وهذا ما يحد من حرية أي مؤرخ. كما أرجعت الحربي إضعاف مسار البحث العلمي في المملكة في مجال التاريخ الحديث والمعاصر إلى ثقة البعض بالباحث الأجنبي أكثر من الباحث المحلي حسب رأيها. وطالبت الحربي الحائزة على جائزة المقالة العلمية في جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ الجزيرة العربية، دارة الملك عبدالعزيز بالانفتاح بشكل أكبر على المجتمع والإسراع في إتاحة استخدام الوثائق أمام الباحثين ما يتطلب دوراً كبيراً لفهرسة الوثائق وإعدادها للاستخدام. وقالت: استفدت من الدارة وحصلت على مواد منها، كما نشرت مجموعة من أبحاثي وكتبي ومنها "نساء شهيرات من نجد" وأيضاً ستنشر لي كتاباً آخر في طريقه للصدور بعنوان "المرأة في نجد وضعها ودورها"، ولكن هذا لا يمنعني أن أبين سلبيات رافقتني عند إعدادي لبعض أعمالي العلمية فيما يخصني كباحثة. وفيما وصفت الحربي الدارة بأنها تؤدي دوراً مميزاً في الحياة العلمية والثقافية من خلال توفير المواد العلمية وإقامة الندوات ونشر البحوث ودعم الباحثين في تاريخ المملكة كشفت عن أن المادة المكتوبة عن المرأة في شبه الجزيرة العربية ضعيفة وقليلة، مما دفعها لتأليف كتابها الأشهر بحسب المراقبين (نساء شهيرات من نجد). وأضافت: إذا كان الاهتمام بالمرأة على هذا النحو في الجزيرة العربية بأكملها فقد كان أضعف في منطقة نجد ، إذ لم يكتب عنها إلا إشارات عابرة في المصادر التاريخية، وأتذكر أنني في بداية كتاباتي الصحفية كتبت عدة مقالات أتساءل فيها عن دور المرأة وأين هي في تاريخنا المحلي، حيث لا تذكر، وبالتالي فإن التاريخ هو من صنع رجل وللرجل. وعزمت على أن أجعل من المرأة في نجد مادة لعمل أقوم به وشجعني على ذلك ما وقفت عليه من وثائق عن المرأة ومخطوطات وما حصلت عليه من خلال الرواية الشفوية من معلومات فشرعت في كتابة هذا العمل معتمدة على الكتب الحديثة والمصادر التاريخية للفترة التي حددتها والوثائق والمخطوطات والرواية الشفوية. ولا تنفي الحربي أن الأمر كان شاقاً يحتاج إلى الكثير من الصبر والجلد، وتوضح : كنت أحياناً أقرأ كتاباً كاملاً لا أقف فيه إلا على معلومة لا تتجاوز السطر الواحد، وأحياناً أخرى كلمة واحدة، وكانت هذه المعلومات على قصرها مفيدة عند شروعي في الترجمة للشخصيات النسائية اللاتي كن مدار الكتاب ، إذ اعتمدت على التحليل وقراءة ما خلف السطور وأضفت الكثير من الاستنتاجات من جانبي والتي كانت معظمها ولله الحمد صائبة، إضافة إلى معايشتي لشخصيات الكتاب ، إذ كنت أشعر أنني أعيش داخل الشخصية التي أترجم لها وأعطاني هذا مساحة كبيرة للوقوف على أحاسيس ومشاعر أولئك النسوة وكل من قرأ الكتاب لمس هذا. وعن الصعوبات التي تواجه المرأة كباحثة في التاريخ بينت الحربي أن الصعوبات كثيرة منها عدم السماح بدخول المكتبات إلا ما ندر، وعدم قدرتها على توفير المادة العلمية مثل الرجال الذين تتوفر لهم المكتبات الكبيرة بأدوارها ومجموعاتها الأساسية. وقالت لافتة: المرأة يتاح لها النظر في القسم المخصص والذي عادة ما يكون "مكيتبة" لا تحتوي إلا على كتب بسيطة إضافة إلى قصور الخدمة فيها. وعن أسباب عزوفها عن الإعلام قالت: أنا غير عازفة عن الإعلام، فإذا كان هناك مجال لأخدم من خلاله فأنا لا أتردد، وأرفض أن أكون مادة إعلامية، فهذا أمر لا أستحسنه أصلاً. وحول نيلها جائزة المقالة العلمية في جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ الجزيرة العربية نتيجة دراستها حول (غالية البقمية حياتها ودورها في مقاومة حملة محمد علي باشا على تربة)، أشارت الحربي إلى أن دارة الملك عبدالعزيز هي الجهة المسؤولة التي يتم من خلالها الترشيح واللجنة العلمية فيها تنظر في الترشيحات، وهي لجنة تفحص الأعمال وترشح وتقرر، ومن خلالها كان قرار فوزها بالجائزة.