ستة أشهر على بدء تطبيق نظام "ساهر" في منطقة المدينةالمنورة، واجه خلالها العديد من حوادث الاعتداء على الموظفين، وتهشيم زجاج المركبات، وتكسير وحرق كاميرات الرصد، كان آخرها ما سجلته الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي، عقب تعرض كاميرات الرصد للحرق، بطريق الملك عبدالعزيز، من قبل مجهولين، لا تزال الجهات الأمنية تواصل البحث عنهم. إلا أن مدير مرور منطقة المدينةالمنورة، العميد سراج كمال، كشف خلال حديثه مع "الوطن" أن ما قام به نظام "ساهر" خلال ستة أشهر، لم تحققه الحملات المرورية خلال ال25 عاماً ماضية. عودة الالتزام من الأمور الإيجابية التي حققها "ساهر"، بحسب رأي العميد سراج، أن السائقين عادوا ليهتموا باللوحات المرورية، متقيدين بها، بعد أن أهملت خلال الفترة الماضية، وهو "الهدف الذي تسعى الإدارة العامة للمرور لتحقيقه، من إيجاد نضام ضبط المخالفات المرورية". إلا أنه ورغم ذلك، يعتقد أن البدء في تطبيق المرحلة الثانية من النظام بالمدينةالمنورة يحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن عام واحد "حتى يتم تجهيزه بشكل أفضل، يتواكب مع تطلعات المسؤولين، في آلية العمل في تنفيذ المشروع". معتبرا أن سبب سرعة تطبيق النظام في المدينةالمنورة، وتأخره في المنطقة الشرقية وتبوك على سبيل المثال، أمر عائد إلى "المقاول المنفذ للمشروع. حيث إن لكل منطقة مقاولاً، يعمل وفق المواصفات والشروط، التي يجب العمل بها". شكاوى المعترضين النظام بقدر ما أفرح كثيرين، أغضب آخرين، بسبب المبالغ المتراكمة عليهم، نتيجة المخالفات المرورية التي حررت بحقهم. حيث أوضح العميد سراج أن هيئة الجزاءات في الإدارة تلقت "عددا من الاعتراضات على تلك المخالفات"، إلا أنها "لا تتجاوز اعتراضين في كل يوم، من البدء في تطبيق النظام بالمنطقة". وكان ديوان المظالم في المدينةالمنورة، قد استقبل الأسبوع الماضي، أول شكوى ضد إدارة المرور، قدمها عدد من السائقين، يشتكون فيها من آلية تطبيق نظام "ساهر"، أكدوا خلالها "اعتراضهم على آلية تطبيق النظام في الميدان، وكذلك عدم التجهيز المسبق له، وعدم القيام بتنفيذ حملات توعوية قبل البدء في تطبيقه". وطالبوا ب"وقف تطبيق النظام، والعمل على تحديد السرعة بشكل أوضح، إضافة إلى خفض قيمة المخالفات عما هو معمول به في الوقت الحالي"، عقب أن أثقلت كاهلهم و"أصبح الوضع يستدعي تدخل الجهات العليا للنظر فيه". يذكر أن رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور مفلح القحطاني، أكد في وقت سابق إلى "الوطن"، رصد الجمعية تظلمات وشكاوى عدد من المتضررين من تطبيق نظام "ساهر"، معتبرا أن "تطبيق النظام في الوقت الحالي، يحتاج الوضوح في تسجيل المخالفات، وضرورة إشعار قائد المركبة بذلك في أسرع وقت، من خلال قنوات الاتصال المتوفرة". مخاوف وتحفظات من جهته، اعتبر رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية بالغرفة التجارية الصناعية في المدينةالمنورة، عبد الغني بن حماد الانصاري، في حديثه إلى "الوطن"، أن "استمرار تطبيق النظام بالأسلوب القائم في الوقت الحالي، قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه"، معتبرا أن ذلك "سيتضح في أوساط المجتمع، من خلال المشاكل الاجتماعية". مضيفا أن هنالك "فجوة كبيرة أو خللاً في التطبيق، ينبغي على المسؤولين في الجهات المعنية إعادة النظر فيه". نقد الأنصاري هذا لا يوصله لدرجة المطالبة بإلغاء النظام، وإنما "التدرج في آلية تطبيقه، من خلال العمل على تكثيف الحملات التوعوية والتثقيفية للسائقين، يتبعها تدرج في التطبيق، يتم من خلاله وضع سقف أعلى للمخالفات، حيث يتم من خلالها استدعاء المخالف وإبلاغه بذلك". حماية العاملين الاعتداءات التي قام بها بعض المواطنين على أجهزة وسيارات "ساهر"، دفعت بعدد من الموظفين العاملين على تطبيق النظام، للمطالبة بحمايتهم مستقبلاً من الأعتداء عليهم شخصياً. حيث كشف أحد الموظفين في حديثه معنا، أنه "لا يخلو يوم من الشتائم والسب تجاهه من السائقين، الذين ترصدهم كاميرات النظام". مؤكدا أنه بالفعل "تعرض عدد من السيارات لتهشيم الزجاج، كما تعرضت الأجهزة للتكسير، من قبل أشخاص مجهولين، في مواقع مختلفة لرصد السرعة، حيث يتم إبلاغ دوريات المرور، والتي لا تباشر الموقع إلا وقد لاذ الأشخاص بالفرار". رشق بالحجارة المعترضون لم يكتفوا ب"السباب والشتم"، الذي مارسه البعض، بل راح البعض الآخر يمارس اعتراضا أكثر عنفا، عبر الرشق بالحجارة والأدوات الحادة، أثناء مرورهم بالطريق. والبعض منهم يتم التعرف عليهم عند رصد الكاميرا لهم، والبعض الأخر لا يتم التعرف عليه، لأنهم يستقلون دراجات نارية، أو يأتون سيراً على الأقدام، سرعان ما يلوذون بالفرار، مما خلق حالة من القلق لدى المشرفين على "ساهر"، دفعتهم للمطالبة ب"تواجد دوريات المرور معهم خلال عملهم في الميدان". في قبضة العدالية مدير شعبة السلامة المرورية والناطق باسم إدارة مرور منطقة المدينةالمنورة، المقدم عمر بن حماد النزاوي، أكد ل"الوطن"، تسجيل عدد من حوادث الاعتداء على سيارات وأجهزة نظام "ساهر"، حيث "تم التعرف على بعض المتورطين بتهشيم وتكسير سيارات وأجهزة النظام، من خلال أرقام مركباتهم، وتمت إحالتهم إلى الشرطة للتحقيق معهم، وتقديمهم للقضاء". وعن مساندة دوريات المرور، عند تنقل آليات وأجهزة النظام، من موقع لآخر، أبان النزاوي أنه "توجد مساندة، ولكن قد لا تكون مرابطة في الموقع، بل تعمل بالقرب منه، وفي حال تلقي أي بلاغ، يتم بسرعة مباشرة الموقع".