دافع الكاتب سعيد الأحمد عن كتابه "عسس"، معترفا بأنه ليس ضد التصنيف، بل ضد التحنيط.. ضد أن تتحول الأصناف إلى مقدسات معنوية لا يمكن تجاوزها. على حد تعبيره ل"الوطن" وهو يتابع: ضد أن يصبح الجنس الأدبي كنيسة والناقد قد يذود عن شرفها. لنترك للمبدع أن يخلق أصنافه، وليأت الناقد ليستنطقها فيما بعد.. إن لم يحدث ذلك، فستسقط قصيدة النثر لصالح القوالب المدرسية السابقة لها، ولحوصرت القصة داخل أعراف حكايات ألف ليلة وليلة، واقتصرت الفانتازيا على أنسنة حيوانات كليلة ودمنة، بشكل عام؛ أنا لست ضد النقد، بل أمارسه من وقت لآخر, غير أنني في صف الفن أولا وأخيرا. ووصف الأحمد كتاب "عسس" بأنه في مجمله كتاب تقويضي على مستوى المضامين والقوالب، وما التقويض البنائي الذي سلكه سوى محاولة اتساق مع تقويض المضامين الذي انتهجه النص. وإذا كان المشروع النقدي في السعودية يتسم بكثير من الفردية بحسب كثير من المراقبين فإن للأحمد الذي يرأس لجنة السرد بنادي الرياض الأدبي رؤية تنطلق - حسب قوله - من أن المشهد النقدي هو حالة نقد مشهدي، نقد مشهد ثقافي أكثر من كونه نقدا فنيا. نقد "بالجملة مش قطاعي، بعيد عنك" أي نقد جمعي متورط في النمطية "ستيريو تايب" وقلما تجد ناقدا يشاكس النصوص، يتداخل معها، ينطلق من دواخلها وينتزع أحشاءها. الناقد لابد أن تتوفر فيه شروط مثل الحس الفني العالي أولا، الحب الحقيقي للفن؛ تذوقه، استشعاره، الإحساس به قبل الحديث عنه. ولتذهب كل الاشتراطات الأخرى إلى الهوامش.. فقط لا أكثر. وكشف الأحمد عن أن لديه أكثر من عمل, أو فكرة عمل أيضا، وليس بالضرورة أن تكون خارج الأجناس، فلكل عمل ظروفه والجنس الفني الأنسب له. ولكن أحتاج للوقت. أنا ثائر ضد النكوص أولا.. ضد الرتابة المزرية.. ضد الإدمان: إدمان العادة، إدمان التقليد الرث، هل أنا ثائر طبقا لمقاييس ما؟ لا أعرف!. وسألت "الوطن" الأحمد: ما الذي يحرضك على الخروج مرة أخرى بعد أن يغادر العسس مدينتك؟، فأجاب: حلم صغير كإصبع طفلتي أن أشرب القهوة على كرسي معدني في الهواء الطلق وأقرأ كتابا لا يدس الزبون المجاور أنفه بين دفتيه، ولا يسألني الجرسون: ماذا تقرأ؟