مع دخول نظام الحكم في تركيا الجديد حيز التنفيذ، الذي يعطي صلاحيات تنفيذية واسعة لرئيس الجمهورية، تشهد الأجواء التركية الشعبية، حالة ترقب لتداعيات هذه القرار، وما سوف يفضي إليه في تطبيقه لأول مرة في تاريخ تركيا الحديث. ويمثل نظام الحكم الجديد، تغييرا جذريا في بنية وشكل الحكم الذي أرساه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك قبل أكثر من 9 عقود، وذلك بعد أن صدر مرسوم قانوني يقر بنقل كل الصلاحيات التنفيذية لرئيس الجمهورية، وأهمها إلغاء منصب رئاسة الوزراء ليصبح رجب طيب إردوغان رئيسا للجمهورية ورئيسا الحكومة ورئيسا لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بينما تقتصر مهمة البرلمان على التشريع والمراقبة. طي التاريخ القديم بالتزامن مع ذلك، كانت الهيئة العليا للانتخابات قد أعلنت النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد استكمال النظر في الطعون المقدمة إليها، مشيرة إلى أنه لا تغيير في الوضع القائم وأن الرئيس إردوغان حصل على الأغلبية في الرئاسيات، بينما حزبه تمكن من حصد 295 مقعدا في البرلمان من أصل 600. ومع إعلان الأرقام النهائية للانتخابات، سيجتمع البرلمان الأحد المقبل لأداء الأعضاء لليمين الدستورية، وذلك بعد أن أدى إردوغان اليمين أمام البرلمان أمس. وبأداء إردوغان اليمين الدستورية، تطوي تركيا صفحة النظام البرلماني رسميا وتتحول إلى النظام الرئاسي، حيث سيكون من صلاحيات رئيس الجمهورية تعيين الوزراء ونحو 500 من الموظفين رفيعي المستوى في الدولة بينما سيتم تعيين الموظفين في الوزارات بناء على قرار من الوزير نفسه. كما ينص النظام الجديد على إلغاء منصب المستشارين ويعوض عنهم بعدد 5 مساعدين ونواب لكل وزير. تغييرات واسعة أكدت المصادر الحكومية المطلعة أن التشكيل الجديد للوزارات سيشمل تشكيل مناصب نائب وزير ومديرية عامة ورئاسة الإدارة. وسيتم تغيaير اسم المؤسسات التي شكلت باسم استشارية إلى رئاسة، بالإضافة إلى إلغاء مستشارية الأمن القومي. وشملت التعديلات الدستورية التي وافق الناخبون الأتراك عليها العام الماضي 18 مادة من الدستور وأهمها اعتماد النظام الرئاسي في الحكم بدلا من النظام البرلماني الذي كان سائدا منذ ولادة تركيا الحديثة عام 1923. وتفتح نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة الباب أمام إردوغان لمواصلة بقائه في السلطة التي يتولاها منذ 16 عاما. وبموجب النظام الجديد سيرتفع عدد النواب من 550 إلى 600 كما سيتم تنظيم انتخابات تشريعية مرة كل 5 سنوات بدلا من 4 وبالتزامن مع الاستحقاق الرئاسي. كما سيحتفظ البرلمان بسلطة إقرار وتعديل وإلغاء القوانين والتشريعات، وستكون لديه صلاحيات الإشراف على أعمال الرئيس، لكن الأخير يحظى بسلطة إصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بصلاحياته التنفيذية ولا يمكن بالمقابل للرئيس إصدار مراسيم في مسائل ينظمها القانون بشكل واضح. وبعد فوز إردوغان لن تحتسب الولاية الرئاسية الحالية له التي بدأت مع انتخابه عام 2014 بعد 12 عاما أمضاها في منصب رئيس الوزراء، وبالتالي، يمكن أن يبقى نظريا في منصب الرئاسة حتى 2028.