من المتوقع أن تشهد خزينة الدولة فائضاً قدره 108.5 مليارات ريال في الميزانية العامة للسنة المالية الجارية 1431/1432 ، التي ستنتهي بعد أيام قلائل بفضل الارتفاعات التي شهدتها أسعار النفط خلال العام وتراجع الإنفاق الرأسمالي لشركة أرامكو السعودية والتي انتهت في السنة المالية الماضية من أكبر برنامج إنفاق رأسمالي في تاريخها بقيمة تتجاوز 375 مليار ريال لتوسعة سعتها الإنتاجية من النفط إلى 12.5 مليون برميل يومياً. وساعدت الاحتياطات الضخمة للحكومة في قيادة الاقتصاد خلال العام الماضي للمرور به بسلامة بعيداً عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، إلا أنها ستستمر في لعب الدور نفسه خلال العام المالي المقبل 1432/1433 حسب الميزانية العامة التي تم الإعلان عنها أمس والتي أوضحت أيضاً تحول قطاع التعليم إلى أكبر قطاع مقاولات وإنشاءات في البلاد بعد تخصيص 150 مليار ريال له ليستحوذ على أكثر من ربع النفقات المعتمدة بالميزانية (حوالي 26%) خلال العام المقبل ويصبح الإنفاق على التعليم ضعف الإنفاق على الصحة. وتوقعت وزارة المالية أمس أن تصل الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي إلى 735 مليار ريال بزيادة نسبتها 56 % عن المقدر لها بالميزانية، منها 91% تقريباً في صورة إيرادات بترولية، فيما توقعت أن تبلغ المصروفات الفعلية للعام المالي الحالي 626.5 مليار ريال، وبذلك يكون الفائض في الميزانية 108.5 مليارات ريال، فيما توقعت الوزارة أن تسجل المملكة عجزاً في العام المقبل. وأوضح كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفاكياناكيس في تصريح إلى "الوطن" أمس أن الفائض الذي توقعته وزارة المالية كان ضعف توقعات البنك له قبل صدور الميزانية. وقال اسفاكياناكيس إن ارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري إضافة إلى تراجع الإنفاق الرأسمالي لأرامكو ساهما كثيراً في تحقيق هذا الفائض. وكانت أرامكو قد انتهت من برنامج الإنفاق الرأسمالي الضخم لها في العام الماضي والذي ساهم في زيادة الإنتاج من العديد من الحقول الحالية ودخول حقول جديدة في الإنتاج. ولم تتوسع أرامكو في رفع سعتها الإنتاجية في 2010 نظراً لقلة الطلب على النفط خلال العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري، حيث لم تصدر أرامكو سوى 9 ملايين برميل في العام الماضي، ومن المتوقع أن تصدر في هذا العام 10 ملايين برميل من إجمالي سعتها الإنتاجية الجديدة البالغة 12.5 مليون برميل. وتبني الحكومة توقعاتها للميزانية بناء على سعر متحفظ جداً لبرميل النفط. وفي ميزانية العام المالي الجاري تم تقدير الإيرادات على أساس 48 دولاراً للبرميل، وبالنسبة للعام المالي المقبل توقع اسفاكياناكيس في تصريحاته ل"الوطن" أن تبني المملكة ميزانيتها للعام المالي القادم على سعر 58 دولاراً للبرميل. وكانت جدوى للاستثمار قد توقعت أمس أن تبني الدولة ميزانيتها للعام القادم على أساس 50 دولاراً للبرميل. وبناء على السعر المتحفظ للنفط توقعت وزارة المالية أن تحقق الدولة إيرادات بمبلغ 540 مليار ريال، كما توقعت أن تبلغ النفقات العامة 580 مليار ريال، وهو ما يمثل عجزاً في الميزانية للعام المقبل قدره 40 مليار ريال، ويمثل هذا العجز ما نسبته 2.5 %من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1431/1432 (2010). وسيساعد النمو الإيجابي للقطاع الخاص غير النفطي خلال العام الجاري على تراجع الإنفاق الحكومي في العام القادم، حيث حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نمواً حقيقياً، يُقدر بأن يصل إلى 5%. ومن جهة أخرى أوضحت الميزانية العامة للدولة أن قطاع التعليم سيتحول إلى أكبر قطاع للمقاولات في العام المقبل نظراً للمشاريع الإنشائية الضخمة التي سيتم الإنفاق عليها بعد رصد الحكومة ميزانية للتعليم العام والعالي بنحو 150 مليار ريال. ولغرض توفير البيئة المناسبة للتعليم وزيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس والجامعات والكليات المتخصصة تضمنت الميزانية مشاريع لإنشاء 610 مدارس جديدة للبنين والبنات في جميع المناطق، إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها حالياً البالغ عددها أكثر من 3200 مدرسة، والمدارس التي تم استلامها خلال هذا العام وعددها حوالي 600 مدرسة، وكذلك إنشاء مبانٍ إدارية لقطاع التعليم العام. وفي مجال التعليم العالي تضمنت الميزانية مشاريع لاستكمال إنشاء المدن الجامعية في عدد من الجامعات، تبلغ القيمة التقديرية لتنفيذها أكثر من 9 مليارات ريال، كما تم اعتماد النفقات اللازمة لافتتاح عشر كليات جديدة. كما يجري حالياً تنفيذ مساكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وتبلغ قيمتها حوالي 8.9 مليارات ريال.