محمد المزيد أصبحت «الحوكمة» تتمتع باهتمام كبير في المملكة العربية السعودية خاصة في السنوات القليلة الماضية، من أجل تطبيق المزيد من الشفافية والمسؤولية والمساءلة بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، كما أن الحوكمة لها إطار كامل في رؤية المملكة 2030، مما يؤكد أن المملكة تتحرك في إحداث تنمية اقتصادية قوية وشاملة، تصاحبها عملية حوكمة، مما يعطي المزيد من الثقة والقوة في الاقتصاد المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن استقرار ومناخ استثماري متميز، وشفافية ووضوح في الأنظمة والقوانين وعمليات التطبيق. وقد بدأت قطاعات كثيرة في الدولة سواء أكانت حكومية أو خاصة في تأهيل كوادر وطنية عالية الكفاءة لإدارة الحوكمة، من خلال وحدات أو إدارات داخل القطاعات والشركات، من أجل ضبط إيقاع العمل داخل هذه المنشآت، وفق آليات واضحة تسهم في تحديد العلاقة بين مختلف الإدارات، وتحقيق مبدأ الشفافية داخل هذه المنشآت. ومع حداثة الحوكمة في العالم وظهورها منذ عقود قليلة خاصة مع الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية في دول شرق آسيا وروسيا في التسعينات، بالإضافة إلى الأزمات المالية والاقتصادية في أميركا وأوروبا، فإن المملكة العربية السعودية قد اتخذت خطوات سريعة وجادة على أرض الواقع في تطبيق الحوكمة، من خلال بعض الشركات والقطاعات لحمايتها من حدوث خلط بين أدوات الإدارة ما بين القيادة التنفيذية ومجلس الإدارة والمستفيدين أو المساهمين أو غيرهم، من أجل تحقيق بيئة عمل تسهم في حماية المنشآت وفق مسؤوليات واضحة بين مختلف أطراف العلاقة. وللحوكمة انعكاسات إيجابية متعددة على المنشأة منها: الاستخدام الأمثل للموارد، تسهيل عملية الرقابة والإشراف والمتابعة للأداء، تشجيع الإنتاجية والحد من عمليات الإنفاق دون الحاجة، والحد من تكلفة رأس المال، المساهمة في جذب الاستثمارات الخارجية، وخاصة من قبل الشركات الكبرى، رفع مستوى وكفاءة أداء بعض المنشآت وخاصة الحكومية، وتوفير المساءلة القانونية ورفع كفاءة المنظومة الرقابية وتحقق الانضباط المؤسسي، وتحديد مسؤوليات وواجبات المسؤولين في الإدارة العليا والتنفيذية. أعتقد أن الحوكمة سيكون لها دور فعال وأكبر في السنوات المقبلة في مختلف القطاعات، في ظل رؤية المملكة 2030 التي تهتم بالحوكمة، مما يؤدي إلى إحداث نقلات نوعية داخل كافة المنشآت، مما يحدث تغيرا ونموا كبيرا في الاقتصاد الوطني.