على امتداد شارع العليا شمال مدينة الرياض، يلفت نظرك مبنى ضيّق تزدحم حوله المركبات وتغطي واجهته الزجاجية لافتات كبيرة تحمل عبارة «تمويلك أسهل» تظن للوهلة الأولى أنه مقر لبنك تجاري أو مؤسسة مالية «ربحيّة»، قبل أن ترفع بصرك قليلا لتتفاجأ أن المبنى يحمل اسم «صندوق التنمية العقارية»!. هذا المشهد يختصر الكثير من المعاناة ل«متضرري الصندوق العقاري » الذين أمضى بعضهم قرابة 15 عاماً ينتظرون قروضهم السكنية قبل أن تؤجل أحلامهم بسبب تغييرات جذرية طالت بعض الأنظمة والقوانين ، وإحالة البعض للبنوك التجارية والمؤسسات الربحيّة التي تضع هي الأخرى العراقيل في طريقهم ولا يحصلون على المبالغ المناسبة التي تساعدهم على بناء مساكنهم أو شراء مساكن جاهزة، وإن انطبقت الشروط على بعضهم فإنهم سيتحمّلون فوائد عالية ترهن أكثر من نصف رواتبهم لسنوات طويلة، بدلاً عن القروض الميسرة التي كان يطبقها البنك العقاري سابقاً ولا يتجاوز قسطه الشهري 1600 ريال، بل ويعفي المتوفين من باقي الأقساط المترتبة على الورثة. جولة الوطن «الوطن» زارت فرع صندوق التنمية العقارية بالرياض لتقف على الوضع عن قرب، فمقره ضيق للغاية ولا يوفّر مواقف كافية إلا لسيارات عدد قليل من المراجعين، وخلال الجولة رصدنا العديد من المواطنين وهم يدخلون للمبنى حاملين أحلاماً عريضة في تملك السكن الذي يؤوي أطفالهم، لكنهم يخرجون ب«خفيّ حنين» ، إذ تحول الصندوق العقاري من مؤسسة حكومية ساهم نظامه القديم في تملك الكثير من المواطنين لمساكنهم على مدى عقود، إلى «مركز استقبال» دوره الوحيد «في نظامه الجديد» تسجيل بيانات المراجعين في الدور الأرضي وتحويلهم لمندوبي البنوك التجارية والمؤسسات المالية التي خصص لها الصندوق «الطابق الثاني» من المبنى، وهناك يضع كل بنك شروطه ويفرضها على مرتاديه الذين أجبرتهم الظروف على اللجوء إليهم، حيث يشترط دفع 10 % مقدماً من قيمة السكن، مع فوائد مركبة تصل بعضها إلى ضعف سعر المنتج السكني، وهي شروط تعجيزية يراها الكثير من المراجعين . خطابات اعتراض من المشاهد حضور بعض المتضررين بخطابات اعتراض على أنظمة الصندوق الجديدة التي تحيلهم للبنوك التجارية في مخالفة صريحة للقرار السامي رقم 82 الذي استثنى التنظيم الجديد للإسكان من يحملون أرقاما في الصندوق العقاري المتقدمين قبل تاريخ 23 /7 /1432، وهذه الخطابات التي يحضرها أصحابها للصندوق هدفها استكمال إجراءات رفع قضايا للمحكمة الإدارية ضد الصندوق ومطالبته بتطبيق القرار 82 وهي قضايا رفعت في الكثير من مناطق ومحافظات المملكة خلال الأشهر الماضية وحصل أصحابها على أحكام ابتدائية لصالحهم بإلزام الصندوق بالنظام القديم وصرف مبلغ 500 ألف للمتضررين وينتظر تثبيت الحكم، وبدأ الكثير من المتضررين في رفع قضايا مماثلة مؤكدين ثقتهم بنزاهة القضاء السعودي. مسار جديد قال متضررون التقتهم «الوطن» إنهم طبقوا شروط الصندوق ومن بينها شراء الأرض والتقديم بموجبها حيث مضى على بعضهم قرابة 15 عاما ينتظرون دورهم وحين اقترب صدور أرقامهم نسفت الإجراءات الجديدة أحلامهم حيث تجبرهم البنوك على شراء وحدات جاهزة وبفوائد عالية، بينما أراضيهم التي اشترط الصندوق شراءها مقابل حصولهم على أرقام انتظار لا تنطبق على تمويلها أنظمة الإسكان، وإن كان هناك وعود باستحداث نظام جديد لمن يمتلكون أراض ويريدون بناءها بأنفسهم حيث ذكرت مصادر «الوطن» أن هناك مسارا جديدا سيطبق اعتباراً من مارس المقبل يسمى «البناء الذاتي» سيعطي لمن يرغبون البناء بأنفسهم حيث سيكون نظامه شبيهاً بدفعات الصندوق العقاري السابقة لكن التمويل سيكون عن طريق البنوك التجارية. اللجوء للقضاء رأى متضررون أن إعلان وزارة الإسكان دعم المواطنين الذين تقل رواتبهم عن 14 ألف ريال سيكون بنسبة 100 % وبهامش ربح صفر% لا ينطبق على الكثير منهم فالبنوك تشترط عدم وجود مديونيات قائمة وعدم تعثرهم في «سمه» وأن يكون الدخل عاليا ويغطي الأقساط القادمة وكلها شروط لا تنطبق إلا على عدد قليل منهم. وقال المواطن متعب الذيابي إنه ينتظر دوره في الصندوق العقاري منذ 12 عاماً، وحين تحويل المنتجات السكنية لوزارة الإسكان لم يظهر اسمه ضمن المستفيدين، مشيراً إلى أن الكثير من المتضررين سيلجؤون للقضاء للمطالبة بتطبيق القرار الوزاري رقم 82 الذي يقضي باستمرار قروض الصندوق العقاري بنظامه القديم. المحكمة الإدارية «الوطن» توجهت بأسئلتها لمتحدث وزارة الإسكان سيف السويلم ن والذي أحال الإجابات لمتحدث الصندوق العقاري حمود العصيمي الذي قال ل«الوطن» إنه بناء على الدعوى المرفوعة من بعض المواطنين المطالبين بعودة الصندوق للنظام السابق وما صدر عن ذلك من تأييد لمطالب المواطنين من المحكمة الإدارية فإن الصندوق يدعم مطالب المواطنين ويسعى دائماً لحصول جميع المستفيدين على كامل حقوقهم، مشيراً إلى أن القضية لا تزال منظورة في القضاء، والصندوق ملتزم بتنفيذ الأحكام النهائية التي تصل إليه.