خلال شهر يناير الحالي ويبدو في منتصفه سيكون العالم في حالة ترقب وبالتحديد منطقة الشرق الأوسط، حيث سيعلن ترمب عن موقفه الرسمي من الاتفاقية النووية المبرمة بين دول 5 + 1 والنظام الإيراني، فلقد أعاد الكونجرس الأميركي الاتفاقية دون اتخاذ أي إجراء أو توصيات أو مرئيات حيال معالجة الثغرات التي تعانيها الاتفاقية في ظل وجود مؤشرات تؤكد أن قرار ترمب سيكون إما إلغاء الاتفاقية أو تجميدها في أحسن الأحوال. سيخرج لنا في غضون ذلك من يحاول إقناعنا بأن مثل هذا القرار يعد كارثيا وله تداعياته السلبية على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط التي لم تعد تحتمل المزيد من الأزمات، ولكن دروس التاريخ وعبره والحقائق على الأرض ومتطلبات المستقبل تؤكد خلاف ذلك، فهذا القرار سيسهم في معالجة داء المنطقة المتمثل في سلوك النظام الإيراني الذي يمارس الدعم الخفي تارة والعلني تارة أخرى للإرهاب، وكذلك تعزيز وجود الإرهاب ليس على المستوى الإقليمي فقط، بل الدولي، فضلا عن التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، واستهداف بنية دولها ومؤسساتها ووحدتها الوطنية وسلمها الأهلي، لتأتي الاتفاقية النووية للأسف الشديد معززة لهذا السلوك اللا مشروع، عبر استغلال النظام الإيراني الامتيازات الناشئة عن الاتفاقية لتحقيق أجندته الشريرة المضرة بأمن واستقرار المنطقة. مساعد وزير خارجية إيران وكبير مفاوضيها النوويين عباس عراقجي يدخل على الخط، فيصرح بأن إيران مستعدة أن تجعل من الاتفاق النووي نموذجا لإبرام اتفاقات أخرى، وتصريح من هذا النوع لا وزن ولا قيمة له، فمن يدعم الإرهاب ليس أهلاً للثقة، ومن جعل أربعين مليون إيراني تحت خط الفقر (نصف عدد سكان إيران) لا يمكن أن يفعل شيئا لشعوب المنطقة، وأن حلم نظامه بأن يكون شرطي الخليج أو شرطي منطقة الشرق الأوسط حلم يستحيل تحقيقه، وأن الوجود الإيراني اللا مشروع مصيره التلاشي ومخططاته لن تعرف إلا طريق الفشل، وشعب إيران وشعوب المنطقة لا تريد نظاما سياسيا يُسخر الإمكانات والقدرات والثروات الوطنية تمهيدا لنزول المهدي المنتظر، بل تريد تمهيدا لبناء مستقبل أفضل للوطن وأبنائه، رؤية 2030 نموذج لمن أراد النجاة، ولا أظن أن نظام طهران يستوعب مثل هذا الحديث، فقد أثبتت الأيام أنه كالأفعى التي لا عقل لها.