أكمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- السنة الثالثة لتوليه مقاليد الحكم في مملكتنا الحبيبة، وهو يمضي برؤية واضحة ومنهج ثابت نحو تدعيم أسباب التنمية والبناء والأمن والاستقرار، مستندا في ذلك على إرث تراكمي من المعارف والخبرات والتجارب في إدارة شؤون البلاد، سواء في الجانب المتعلق بالإدارة المحلية والتنموية، أو ذاك المرتبط بشؤون السياسة الخارجية، مستلهما خطواته وأعماله ومواقفه من مدرسة والده المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- والتي تجمع بين البناء والتحديث الداخلي وضبط التوازنات الخارجية، تلك السياسة التي تمنح البلاد القدرة على تنفيذ برامج التنمية وبناء الإنسان، وفي الوقت ذاته تعمل على ترسيخ العلاقات والمواقف الخارجية التي تحفظ للمملكة مكانتها، وتعزز من حضورها في المحافل الإقليمية والدولية. وخير شاهد على ذلك، ما تضمنته ميزانية الدولة لعام 1439/ 1440، والتي تُعد أكبر ميزانية للمملكة في تاريخها، بإنفاق يبلغ أكثر من 978 مليار ريال، وبنسبة أقل في الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، حاملة في مضامينها مؤشرات إيجابية من حيث الإصلاحات الاقتصادية مستهدفة العمل على تقوية الموازنة العامة للدولة وتعزيز استدامتها، ومواصلة اعتماد المشاريع التنموية والخدمية الضرورية للنمو الاقتصادي، والذي سيحقق بإذن الله نماء الوطن وتنمية المواطن، ويأتي هذا كله في ظروف صعبة يمر بها الاقتصاد العالمي، وأزمة مالية تأثرت بها كثير من القوى المالية الكبرى، إلا أن السياسة المالية الحكيمة التي انتهجها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بقيادة ولي العهد -حفظه الله- خففت آثار هذه الأزمة، وجنّبت اقتصادنا الوطني كثيرا من تبعاته. ولقد أكدت مضامين الميزانية العامة للدولة على قوة الاقتصاد السعودي وثباته، كما جاءت مترجمة لرؤية قائد مسيرة التنمية في هذا البلد المعطاء، خادم الحرمين الشريفين، الذي أعلنها تنمية متوازنة وشاملة تعم أرجاء البلاد، وتشمل جميع الشرائح والقطاعات في المجتمع، حاملة فرصا كريمة للإنسان السعودي. ما حملته هذه الميزانية المباركة لخيرُ شاهد على متانة الاقتصاد السعودي ومناعته من أي تأثيرات، في ظل امتلاك المملكة خططا وبدائل واحتياطات مالية موفقة، ستسهم بشكل مباشر في تعزيز قدراتها المالية، وتحقيق الاستفادة المثلى من مواردها بشكل أفضل، وذلك خلال الإجراءات المالية التي أكدت عليها الدولة، لتحقيق موارد مالية متنوعة وسد العجز ودعم استمرار المشاريع التنموية في أرجاء البلاد. ذكرى البيعة تمثل مناسبة سانحة للحديث عن الإنجازات والمواقف والخطط التنموية التي شهدتها المملكة خلال هذه الفترة الوجيزة بقياس الدول العظمى، فقد استطاع الملك سلمان أن يؤسس لرؤية تنموية طموحة، تتماشى مع العوامل والمعطيات الجديدة للمملكة داخليا وخارجيا، فهذه المرحلة تشهد نموا سكانيا مرتفعا، يشكل فيه الشباب النسبة العظمى، وتواجه فيه أسعار النفط تقلبات حادة، مما يعني الحاجة إلى مواكبة متطلبات النمو السكاني، وإيجاد فرص عمل للشباب، وصعوبة الاعتماد على المورد الواحد، وضرورة تعزيز القطاع الاقتصادي، هذه المعطيات جعلت الدولة تطلق رؤية تنموية جديدة، تستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل، تمثلت في «رؤية 2030» التنموية التي استندت في بنائها إلى مكامن القوة التي تتمتع بها المملكة، والمتمثلة في مكانتها في العالم الإسلامي ودورها في المجال العالمي، وموقعها الإستراتيجي، وثرواتها الاقتصادية، ومواردها البشرية، وهي تبشر بمستقبل واعد للمملكة، يقوم على استشراف القادم عبر ثلاثة محاور هي: المجتمع الذي يمثل الأساس في معادلة الرؤية، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح، وفي كل محور هناك حزمة من الالتزامات والأهداف التي ارتكزت الرؤية في تحقيقها على مجموعة من البرامج التنفيذية التي ستخضع في تنفيذها للقياس والحوكمة ومؤشرات الأداء والنتائج. وأجدها فرصة هنا لأتقدم لمقام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، بالتهنئة على ما تحقق من استقرار وأمن وخير وعطاء لهذا الوطن المعطاء، وأخص هنا ما يلقاه قطاع التعليم، وبالتحديد جامعة القصيم، من دعم ورعاية كريمة، واهتمام مشهود، يُعد ترجمة لما أكد عليه -حفظه الله- من مواصلة العمل في دعم التنمية الشاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، ولا فرق بين منطقة وأخرى. أسأل الله أن يديم نعمه على هذه البلاد وأهلها، وأن يحفظ قيادتها وشعبها، ويبقيها آمنة عزيزة شامخة. * مدير جامعة القصيم