مرّ عامان كاملان على نشر «الوطن» مقالتي (محاولة لفهم تحديات الصحة)، التي وجهت من خلالها رسالة لوزير الصحة آنذاك خالد الفالح، بين سطورها أهم المعوقات الحائلة دون تقدم المجال الصحي في المملكة. ذلك المقال الذي أعدتُ توجيهه لوزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة بعد تاريخ نشره بخمسة أشهر حظي بردٍ منه مشكوراً، إلا أن ذلك الرد لم يكن الوحيد، فقد كان الردّ الأكثر بلاغة على أرض الواقع. وكمتابع جيّد لتوجهات وزارة الصحة منذ أن التحقت بها، فإنني أستطيع أن أقول الآن - منصفاً - إن العربة وُضعتْ على المسار الصحيح أخيراً. وكما عَنْوَن الدكتور توفيق الربيعة صفحته على موقع تويتر بأنه مهتم بالإبداع وإدارة التغيير والتطوير، فإنني أجده أحدثَ تغييراً إيجابياً في فترة قصيرة جداً، ولعلني أسرد في بقيّة المقالة ما هو جوهر التغيير الذي تنتهجه وزارة الصحة برأيي. قبل عام 2016 كان هناك سؤال تقليدي يدور في أذهاننا وهو لماذا لا تتوفر الخدمات الصحية الكافية؟ وهو سؤال مشروع برأيي، علماً بأنه في ظل غياب الوعي الصحي والوقائي لم تكن لتكفي الخدمات الصحية أبداً مهما توسعت. إلا أن السؤال الإبداعي الذي طرأ على طاولة «الصحة» ليحول منهجية الوزارة نحو الاتجاه الصحيح هو، لماذا يقتصر دورنا على العلاج فقط بعد فوات الأوان؟ وهنا مربط الفرس كما يقول العرب. إن النماذج الصحية الناجحة حول العالم كان الجزء الأكبر من جهدها وميزانيتها منصباً نحو التوعية والوقاية، لم يكن دورها أبداً انتظار طوابير المرضى بل تقليص أعدادهم كذلك. لم يعد شعار الوقاية خَيْرٌ من العلاج مجرد شعار، فقد بدأت وزارة الصحة بمحاولات ناجحة لتحويله إلى مشروع عمل عبر حملات لا تكاد تهدأ في محاربة السكري، والسرطان والضغط، تلك التي تكلفنا الكثير لمعالجتها والقليل جداً للوقاية منها وكبحها. إن هذا الأسلوب في معالجة المشاكل عبر التوجه لأصولها عبر تفعيل الطب الوقائي وتعزيز الصحة العامة وتغيير أنماط المعيشة غير الصحية والتركيز على نظام الرعاية الصحية الأولية - التي من شأنها معالجة الحالات في بداياتها وتخفيف الضغط على المستشفيات - لم يكن شائعاً لدينا، إلا أننا بدأنا بوضع أقدامنا على الطريق الصحيحة. أما النتائج! فالأيام القادمة كفيلةٌ بإثبات نجاح هذا الأسلوب.