في حياة كل إنسان طفولة رسمت له الذكريات، وخطت له أجمل الأمنيات، يوم الطفل يوم يدعونا إلى التوقف للاحتفال بالبراءة والحب والحنان والعاطفة، لنجعله يوماً مميزاً عن باقي الأيام، فهم يستحقون منا أكثر من ذلك، أنا على يقين أن أغلبنا يسمع بهذا اليوم العالمي، ولكن لا يكلف نفسه القيام بخطوة نحو زرع ابتسامة على شفاه أبنائه ولو بهدية عبارة تدخل الفرح والسرور عليهم، العجيب أننا أمة تحمل تراثا من الأخلاق والقيم في دعم منظومة التربية، ولكن نرى قصورا على أرض الواقع، في حين نرى الغرب والدول العلمانية تستوعب هذه المناسبات بشيء من التفاعل والتجاوب والممارسة الحية. الاحتفال باليوم العالمي للطفل هو احتفال بما وصل إليه الحال في عالمنا الإسلامي من أمية وتخلف ونزاع وحرب، هو احتفال بما آلت إليه الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية من تخلف قل نظيره في السنين الماضية. كنا نتأمل مع تقدم السنين أن ينعكس ذلك على التغير من حال إلى أحسن حال. الآن الملايين من أطفال العالم من شرقه إلى غربه مشردون يتوسدون الأرصفة ويلتحفون السماء، يسارعون نحو لقمة العيش من القمامات والمساعدات الإنسانية والدولية، وللأسف الإحصائيات تشير إلى ارتفاع نسب تشرد وضياع واستقلال البراءة والمساومة عليها بالمال والجشع وما هو أعظم من ذلك الوضع الأليم وأبعد مما نتوقع ونتخيل، بل وصل الحال إلى المتاجرة بأجسادهم وأعضائهم. الوقوف مع أبنائنا في هذا اليوم العالمي يعني المساهمة في تطوير قدراتهم وتعلمهم آلية التعامل مع الآخرين، وألا نجعلهم قنابل موقوتة ضد الآخرين الذين لا يشاركونهم في العقيدة والدين، فما أجمل أن تكون الطفولة بعيدة عن التجييش والضغينة والكراهية. أطفالنا هم وعاء نقي نظيف بإمكاننا أن نضع فيها العسل، وبإمكاننا نضع فيه السم. العلاقة بين أطفالنا يجب أن تكون واضحة وصريحة لبناء علاقة إيجابية وحيوية، ولا يمكن ذلك إلا من خلال الحديث والاحتضان والسماع والنزول إلى مقدار استيعابهم وقدراتهم، فهم يحتاجون منا وبصفة مستمرة إلى المدح والثناء، فالكلمة تحمل الكثير من البناء العاطفي والتعليمي، أطفالنا هم ثروتنا، فأحسنوا اغتنام هذه الثروة. خلاصة كلامي هي رسالة إلى كل أب وأم ومجتمع، أقول حافظوا بكل ما أوتيتم من قوة على فلذات أكبادكم من كل من يحاول أن يخدش قيمها وأخلاقها من البرامج التطبيقية والأجهزة الذكية، لأنها دمار للعقل والقدرات، عيشوا معهم واقعا جميلا بالتلوين واللعب بالرمل والطين، أبعدوهم عن العالم الافتراضي قدر الإمكان، هذا العالم الإلكتروني مدمر لطفولتهم، اصنعوا معهم ذكريات جميلة تبقى عالقة في أذهانهم طول العمر.