كما هو معروف في الطرق السريعة في كل العالم، تكون هناك مخارج تؤدي للمدن والخدمات الموازية لهذه الطرقات، وهذه المخارج لا تقل أهمية عن الطرق الرئيسية، بل بالعكس هي من تغذي هذه الطرق وتحل مشاكل الازدحام المروري. لكن هنالك مخرج من نوع آخر اسمه «بند 105». وبند 105 باختصار هو «رمز لاعتماد مالي ضمن الباب الأول من ميزانية الدولة، يصرف منه لمن يعين وفق ترتيبات وظيفية لا تتصف بصفات الوظائف الثابتة». دعونا نضرب مثالا للتوضيح على قول مدرسي الرياضيات. سلك الكثير من المعلمين والمعلمات طريقا سريعا وتفاجأوا بوجود ازدحام مروري أجبروا على أثره بأن يسلكوا مخرجا فرعيا، ثم يعودوا لاحقاً بعد نهاية المشكلة ليكملوا مسيرهم، هذه باختصار قصة حوالي مئة ألف معلم ومعلمة يتبعون وزارة التعليم تم تعيينهم على هذا البند في عام 1414 وما بعده، و«الازدحام المروري» الذي واجهوه هو مشاكل بالميزانية، وتلبية لحاجة ماسة لسد احتياج بعض الجهات التعليمية من المعلمين والمعلمات، مما استدعى إيجاد هذا المخرج الذي لا يتضمن أي مزايا مالية وبراتب مقطوع لا يزيد عن أربعة آلاف ريال، وبعد ترتيب استثنائي بين تعليم البنات في حينه ووزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية، أن يكون هذا هو الحل المؤقت لتغطية الاحتياج من المعلمين والمعلمات لحين إحداث وظائف ثابتة بسلم رواتب الوظائف التعليمية في أسرع وقت ممكن، وبالفعل سلك هؤلاء المعلمون والمعلمات هذا المخرج ظناً منهم أنهم سيعودون للطريق الرئيسي المزدحم يوماً ما، ويتساوون وظيفياً مع زملائهم في القريب العاجل، ولكن ما حدث أنهم استمروا يسيرون في مخرج 105 لمدة ثمان سنوات، إلى أن صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم (1-757) وتاريخ 25-2-1422، القاضي بتثبيت من كانوا على البند 105 من المعلمين والمعلمات بالتعليم العام، اعتبارا من بداية العام المالي 1422-1423 الذي بني على مرسوم ملكي كريم، حيث أحدث لهم وظائف ثابتة مناسبة، ونص في الفقرة سادسا من القرار نفسه على أنه (لا يجوز اعتبارا من العام المالي 1422-1423 التعاقد مع مدرسين أو مدرسات - سعوديين أو غير سعوديين - في التعليم العام على وظائف مؤقتة بالبند (105) أو غيره من بنود الميزانية)، وبهذا القرار أُغلق هذا المخرج للأبد، ولكن للأسف وبعد عودة المعلمين والمعلمات للطريق الرئيسة فرحتهم لم تدم طويلاً، حيث بعد سنوات طويلة في البند الظالم لم يتم احتساب سنوات الخدمة السابقة وكأنها لم تكن، بل وتفاجأ معلمو ومعلمات هذا البند بأن معلمين ومعلمات أصغر سناً عينوا بعدهم على وظائف تعليمية أصبحوا يفوقونهم من حيث مقدار الراتب وعدد سنوات الخدمة، وهذا تناقض كبير وواضح. من المفترض بأن الوزارات الثلاث، ومنها التعليم والخدمة المدنية، التي تتبرأ الآن من هذا البند ولا تعترف به وظيفياً، كان يجب عليها كما قامت من قبل بخطة سد الاحتياج وتعيين الآلاف على بند 105 نظراً لعجز الميزانية في حينها والاحتياج الشديد لمعلمين ومعلمات يدرسون أبناءنا وبناتنا، من المفترض بعد زوال تلك الظروف الطارئة أن يكافئوا هؤلاء المعلمين والمعلمات على تضحياتهم وصبرهم سنين طويلة على مرارة هذا البند، فأقل تقدير كان يجب مساواتهم مع أقرانهم من حيث عدد سنوات الخدمة والعلاوات، لا أن يتم رميهم عند بداية الطريق السريع مرة أخرى. سكوت وزارة التعليم عن المشكلة وعدم محاولتها حل هذه المشكلة على أقل تقدير يزيد المعلمين والمعلمات إحباطاً. يجب على الوزارة حل مشاكل المعلمين والمعلمات ومن ثم تبدأ خططها لتطوير التعليم وليس العكس. اللوحات التحذيرية وحفر ومطبات وتحويلات طريق وزارة التعليم السريع لا تحتاج إلى تزيين، ولا يتحمل الطريق المزيد من المخارج، بل الطريق ذاته يحتاج لسفلتة وصيانة من جديد.