قد يبدو غريباً أن تفرض دولة رسوما حمائية على صادرات دولة أخرى دون أدلة كافية إلا أن ذلك لم يثن الهند عن إصدار قرار نهائي قبل أسبوعين بفرض رسوم إغراق على منتجات البولي بروبلين القادمة من المملكة وعمان وسنغافورة. وأوضح رئيس مركز تنمية الصادرات في المملكة الدكتور عبدالرحمن الزامل ل "الوطن" أن إجمالي الصادرات البتروكيماوية من المملكة إلى الهند سنوياً لا يتجاوز 200 مليون دولار وهو رقم "متواضع" على حد قوله مقارنة بالصين والأسواق الاخرى. أيضا تقول منظمة التجارة العالمية عن دعاوى الإغراق على موقعها على الإنترنت "إنه لا يكفي للدولة المستوردة أن تثبت أن الأسعار أقل من تكلفة الإنتاج في الدولة المصدرة حتى تفرض رسوم إغراق بل يجب عليها أن تثبت كذلك أن سوقها المحلي متضرر من هذه الأسعار". وتنتظر الشركات المصدرة للبولي بروبلين في المملكة نتائج المحادثات المكثفة التي تجريها وزارة التجارة السعودية لحل هذه الأزمة كما أوضح الرئيس التنفيذي لشركة سابك محمد الماضي أمس في تصريحاته في دبي على هامش مؤتمر للبتروكيماويات. وكان سكرتير وزارة التجارة الهندية راهول خولار قد ذكر في تصريحات لوكالة بلومبيرج الأسبوع الماضي أن بلاده فرضت الرسوم، لأن شركات المملكة توفر الغاز الطبيعي لمصانع البتروكيماويات بأسعار مدعومة مما يجعلها تبيع المواد في السوق العالمية بتكلفة أقل من التكلفة الحقيقية للإنتاج. وأضاف خولار أن الهند لم تفرض الرسوم لحماية مصنعي البولي بروبلين المحليين ولكنها فعلت ذلك حتى يكون سعر البيع عادلا للكل في السوق الهندية، مستبعداً في الوقت ذاته أن يتم حل هذه القضية في أروقة منظمة التجارة ، لأنه متأكد أن المملكة والهند ستصلان إلى حل ودي لإنهاء هذا الخلاف. والهند دولة ستحتاج إلى استيراد العديد من المواد البتروكيماوية في السنوات العشر المقبلة نظراً لأن سوقها المحلي لن يواكب الطلب، إذا فلماذا فرضت الهند رسوم إغراق على صادرات البولي بروبلين؟ والأهم لماذا فرضت هذه الرسوم على عمان وسنغافورة إلى جانب المملكة؟ للإجابة على هذا السؤال سألت "الوطن" أحد المصادر الهندية المقربة من شركات البتروكيماويات الهندية وكانت إجابته بأن عمان كالمملكة توفر أسعار لقيم منخفضة للمصنعين، ولكن فيما يتعلق بسنغافورة فإنها مركز لإعادة تصدير المواد البتروكيماوية السعودية إلى آسيا، حيث تستورد سنغافورة البتروكيماويات من المملكة، ثم تعيد بيعها إلى آسيا محققة مكاسب من وراء هذا. وأضاف المصدر الذي رفض التصريح باسمه: "هذا الأمر لا تريده الهند كذلك لأنه يسمح لسنغافورة أن تبيع البولي بروبلين بأسعار لا نراها عادلة إلى السوق الهندية." وفيما يتعلق باختيار الهند البولي بروبلين دوناً عن باقي المنتجات فإنه وبحسب تصريحات نشرت في يونيو الماضي لرئيس التحليلات التجارية لوحدة البتروكيماويات في شركة "ريلاينس" الهندية وهي أكبر شركة نفطية في الهند فإن الهند ستواجه عجزاً في إنتاج كل البوليمرات البتروكيماوية محلياً بحلول عام 2020 باستثناء البولي بروبلين الذي سيكون المنتج الوحيد الذي لدى الهند اكتفاء ذاتي منه. وكانت نشرة "آي سي أي اس" المتخصصة في البتروكيماويات قد أوضحت في تقرير بتاريخ 23 نوفمبر الماضي أن وزارة المالية الهندية قد أقرت بصورة نهائية قراراً بفرض رسوم إغراق تتراوح ما بين 24 دولارا و 323 دولارا للطن الواحد على صادرات البولي بروبلين من السعودية وعمان وسنغافورة بناء على توصيات صادرة من وزارة التجارة في أغسطس الماضي بعد انتهاء تحقيق طال أكثر من عام. والهند هي رابع أكبر سوق لصادرات المملكة غير النفطية بحسب أرقام مصلحة الإحصاءات العامة إلا أنها ليست سوقاً كبيراً لمصنعي البتروكيماويات حالياً بحسب ما أوضحته شركتا سابك والمتقدمة في تصريحات سابقة