صدور الأمر السامي الكريم القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة في هذا الوقت بالتحديد يعكس حكمة القيادة الرشيدة وبعد نظرها، إذ أعملت أصلا عظيما من أصول الشريعة الإسلامية، وهو اعتبار المصلحة. فالمصلحة كانت تقتضي في السابق تقييد حق قيادة السيارة للمرأة حفاظا على سلامتها في المقام الأول، لوجود أخطار محتملة قد تواجهها بسبب رفض المجتمع وعدم مناسبة البيئة المرورية والاجتماعية لذلك، أما بعد تقشع الأسباب المانعة، بتفهم أفراد المجتمع وزيادة وعيهم، وإدراكهم أن مسألة قيادة المرأة ليست لها علاقة بالتدين بقدر ما هي مرتبطة بالعرف الاجتماعي، وأن هناك فئة من النساء تقتضي المصلحة السماح لهن بالقيادة حتى يتمكن من قضاء حوائجهن الضرورية، وكذلك البيئة المرورية أصبحت أكثر أمانا من السابق بفضل الأنظمة الصارمة الجديدة التي حدت من المخالفات التي تهدد سلامة مرتادي الطرق، كالسرعة الزائدة، والتجاوزات الخطرة وقطع الإشارات المرورية وما إلى ذلك، فأصبح الميدان في الوقت الحالي مواتيا لقيادة المرأة من حيث الالتزام بقواعد وأنظمة المرور، وبطبيعة الحال سوف يطبق نظام المرور على الذكور والإناث على حد سواء، والجدير ذكره هنا أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها أسهمت وتسهم في سهولة تواصل السيدات مع ذويهن والجهات الأمنية عند الحاجة، إذ يمكن استخدامها بشكل إيجابي في استمرارية التواصل رغم تباعد المسافة، نضيف إلى ذلك التوصيات الصادرة من اللجنة الوزارية التي أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيلها لهذا الشأن، والمكونة من الوزارات: (الداخلية، المالية، العمل والشؤون الاجتماعية)، فمن المؤكد أن هذه التوصيات تسهم في جعل البيئة أكثر أمانا واتزانا. لذلك فقد جاء الأمر السامي الكريم منسجما مع الشرع والنظام والحاجة وتقبل المجتمع، ففي النظام الأساسي للحكم في مادته الأولى نُصّ على أن دستور المملكة العربية السعودية هو كتاب الله وسنة رسوله، صلى على عليه وسلم، وإعمالا لهذه المادة استند الأمر السامي إلى رأي أعضاء هيئة كبار العلماء الذين لا يرون مانعا شرعيا من السماح للمرأة بقيادة السيارة في ظل وجود الضمانات الشرعية والنظامية، والله نسأل أن يوفق قيادتنا الرشيدة الواعية لما فيه خير وصلاح الوطن والمواطنين.