قال القاص طاهر الزارعي إن المصطلحات الجريئة في قصصه القصيرة تخاطب النخب الثقافية الواعية، ولا يجد حرجا في ذكرها، معتبراً إياها (عادية)، وإن عنصر الرمزية موجود في معظم قصصه، وبالأخص القصص القصيرة جداً، وتعتبر ميزة، وعنصراً أساسياً لأي عمل إبداعي، مع تأكيده أن يكون المتلقي مبدعاً في تفسير هذه الرمزية. جاء ذلك في معرض رده على مداخلات، حضور الأمسية القصصية، التي أقامها نادي الأحساء الأدبي، الأحد الماضي بمشاركة القاص أحمد العليو، وأدارها رئيس لجنة الصورة في النادي وعضو مجلس الإدارة جعفر عمران، وبحضور نائب رئيس النادي الدكتور نبيل المحيش، وعضو مجلس النادي المسؤول الإداري محمد الجلواح، الذين تساءلوا عن جرأته اللغوية الوصفية لأشياء مسكوت عنها وتسلط أضوائها على كل زاوية في أحداث القصة. وكان مدير الأمسية جعفر عمران، استهل الأمسية، بتقديمه قراءة عن القاصين، بأنهما "حكايات وشخوص وأحداث ولغة وأماكن نشاهدها في هذه الأمسية في لغة سردية نتعرف عليها ونقترب منها من خلال قصص يسردها القاصان؛ حكايات وأماكن نضيق عليها العدسة لنراها بوضوح تام، نرى تفاصيلها وملامحها، أماكن قريبة منا ولكنها بعيدة نسمع عن مثالياتها وعاداتها وتقاليدها الجميلة، وعن سلوكها المحمود؛ لكن الكاتب لا يعنيه ذلك، يقلب الطاولة، ويغوص إلى أعمق طبقة في المجتمع، يقلب سطحه ويحفر إلى أقصى نقطة في باطنه". الزارعي قرأ عدة قصص من ضمنها قصص قصيرة جداً، من بينها قصة "احتفاء على تخوم الحشرجة"، وقصة "قيامة تعتقل الشهقة"، ففي الأولى استطاع أن يرسم لوحات أحسائية عفوية عبر توظيفه لطيور الحمام التي ترقص في سماء الأحساء كل صباح، واستحضر عادات وتقاليد ماضية بصور فنية متعددة، وفي الثانية استحوذ بطل القصة "أبو تأشيرة" جسد فيها ذاك المختل عقليًا بصورته الغارقة في التفاصيل اليومية، ويدعو الناس لترك الشيطان لأن القيامة قامت. كما قرأ قصصا قصيرة جدًا كقصة لهاث "مد يده ل"عزرائيل"، أغمي عليه، حينما أفاق وجد أذنيه معلقتين في لسانه الممدود. أما القاص أحمد العليو، فقرأ من قصصه "بيت جدي، بثغر باسم، رحلة حب، عواء الجسد" ومن إصداره الأخير "الجسر". الناقد محمد الحرز قال في مداخلته "إن العليو يملك في قصصه لغة سردية بإمكانها أن تصف كل البيئي المتنوع، ولغته تكبر في أدق التفاصيل وتسرد ما يمكن لأي روائي أن يسرده، مشيراً إلى أن هناك نقطة مشتركة بين الزارعي والعليو فهما يملكان السرد المكبوت لشخصياتهما في النصوص بسبب ارتباطهما بالمجتمع، إلا أن العليو استطاع أن يعمق هذه اللحظات في الشخصيات كما فعل في "عواء الجسد"، وهذا ما يسمى في السرد بالتحفيز الاستيعابي. وقال الكاتب إبراهيم الطويل في مداخلته "إن العليو يسير بين حدائق متنوعة من القيم والمواضيع الاجتماعية بلغة جميلة وذات ذوق رفيع ينم عن زخم لغوي رائع يحويه قلم الكاتب، أما في قصته جارية، فهو ذو لغة بارعة في وصف جهاز الهاتف النقال، وأدوات فنية لغوية ذات ألفاظ وعبارات جميلة، ومجموعته القصصية "الجسر" تقرأ على استرخاء تام وبجانبك الشاي بنكهة النعناع.