يثير انتشار الممارسات الضارة بصحة الفتيات في موريتانيا غضب وحنق منظمات المجتمع المدني التي تعتبر ذلك دليلا على فشل السياسات والجهود المبذولة في محاربة الحيف والغبن الاجتماعي الذي تعاني منه الفتيات. ومن أخطر تجليات هذه الممارسات ظاهرة الخفاض التي تؤكد العديد من الدراسات والإحصاءات الرسمية انتشارها الواسع في موريتانيا، حيث تصل نسبة ختان البنات في المناطق الداخلية 96%، أما على المستوى الوطني فقد تراجع معدله من 71% إلى 65% حسب إحصاءات وزارة التنمية الاجتماعية. وأعلنت موريتانيا مؤخرا أن مكافحة ظاهرة ختان البنات التي لا تزال تسجل انتشارا كبيرا يعتبر من أهم أولوياتها، لاسيما بعد انخفاض نسبته من 71% إلى 65% مما يعني أن القضاء عليه أمر ممكن رغم أنه من أكثر الممارسات شيوعا في موريتانيا. ويركز برنامج مكافحة هذه الظاهرة في مرحلته الأولى على الولايات الأكثر تضررا من انتشار هذه الظاهرة وهي لبراكنه وكوركول ولعصابه والحوض الشرقي، وفي المرحلة الثانية على استصدار قانون يجرم هذه الظاهرة. وقد سجل تقدم في تنفيذه حيث تم تنصيب اللجان الجهوية والقاعدية في الولايات المذكورة وتم تكوينها وتدريبها على الآليات الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة. وتطمح وزارة التنمية الاجتماعية إلى توعية بعض فئات المجتمع التي لا تدرك خطورة الخفاض، وتسعى إلى الوصول إلى الأكثر تهميشا والأقل حظا من الاستفادة من البرامج التنموية والعمل على تقريب الخدمات من هذه الفئات التي تتمسك بالممارسات الضارة بالصحة وتعتبرها تقليدا دينيا وعرفا اجتماعيا أصيلا. ويعتبر الباحث الاجتماعي محفوظ ولد السنهوري أن ختان البنات شكل من أشكال العنف الخطير الذي يترك جملة من الآثار النفسية السلبية على المعنفة ويولد لديها العديد من العقد مما يؤثر بشكل مباشر على دورها في المجتمع ومسؤولياتها تجاه رعاية الأسرة وتربية الأطفال. وأكد أن ختان البنات مرتبط بالثقافة الشعبية التي تستند إلى بعض المفاهيم المغلوطة والأحكام المسبقة التي تأخذ بعض التأويلات الدينية حجة لها، لاسيما في الولايات الأربع الأكثر احتضانا لهذه الممارسة شرق وجنوب البلاد. وأكد أن التوعية بالمخاطر والأضرار الناجمة عن الخفاض على صحة النساء مسؤولية الجميع، لأن الخفاض يمثل انتهاكا نفسيا وجسديا لحقوق المرأة ويسبب لها في بعض الأحيان العقم والأمراض التناسلية والإحباط والاكتئاب، بناء على مفاهيم موروثة خاطئة.