تعيش بعض النساء هذه الأيام سكونا شتويا ، خاصة مع الأجواء الباردة، حيث يشعرن فيها بالرغبة المستمرة في النوم، ولمدد طويلة، وهو ما يطلق عليه طبيا الاضطرابات العاطفية الموسمية أو الحزن، وهي حالة نفسية تسبب – بحسب الأخصائيين- نوبات طويلة من الكآبة أثناء بعض فصول السنة، وخصوصا في فصل الشتاء، وتعتبر هذه الحالة أحد الفروع الثانوية من نوبة الاكتئاب الكبرى، إذ تظهر نفس الأعراض والشروط المطلوبة لتشخيص الاكتئاب مع فرق واحد وهو ارتباطها بفصل معين من فصول السنة. وقال رئيس إدارة الخدمة النفسية بمنطقة المدينةالمنورة الأخصائي النفسي بمستشفى الصحة النفسية والولادة ناصر الذبياني إن هناك أعراضا تظهر على الشخص المصاب، ومنها الشعور بالكآبة، والميل إلى العزلة، وقلة الطاقة والنشاط، وضعف التركيز، وذلك مع غياب الشمس، ويصاحب هذه الحالة نقص الاهتمام بالعمل، أو النشاطات الأخرى، والابتعاد عن اللقاءات الاجتماعية، وبطء الحركة، والخمول، والرغبة في تناول الكربوهيدرات، وزيادة الوزن أحيانا، وزيادة ساعات النوم خلال النهار. وبين الذبياني أن هذه الأعراض تحدث خلال فترة معينة أو فصل معين، ولكنها تختفي في فصول أخرى، ومن المحتمل أن تتكرر هذه الأعراض في الفصل المقبل، مشيرا إلى أن أسباب الاضطرابات العاطفية الموسمية ليست واضحة جدا، إلا أن أحدها هو ارتفاع مستوى الميلاتونين في الدم، والميلاتونين هرمون تفرزه غدة في الدماغ، فإذا زادت هذه المادة في الجسم يشعر الشخص بالرغبة الزائدة في النوم، وهذه المادة يزيد إفرازها في الظلام، وكذلك تزيد مع ضعف أشعة الشمس، وهذا مما يسبب اختلافا في الساعة البيولوجية للإنسان، مما يدفع الإنسان إلى الاسترخاء والخمول وكثرة النوم. وأشار إلى أن هناك أسبابا أخرى للإصابة بالكآبة الموسمية، وهي التغيرات في درجة حرارة الجسم والتغيرات الهرمونية، وتنتشر هذه الحالة بين النساء أكثر من الرجال، ويمكن أن يصاب بها الأطفال أيضا. وعن إمكانية تجنب هذه الحالة بين الذبياني أنه يمكن تجنب الإصابة بهذه الحالة بالتوجه إلى العيادة النفسية عند الشعور بأحد الأعراض السابقة، ومعرفة السبب النفسي والبيولوجي لحدوثها، حتى يتم تشخيص الحالة تشخيصا دقيقا، وحتى لا يكون لها تأثيرات طويلة المدى. وحول طرق العلاج قال الذبياني "تعتمد معالجة الكآبة الموسمية على استبعاد العوامل المسببة، فيرى الأخصائيون النفسيون أن الحصول على المزيد من الإضاءة في البيت أو موقع العمل يساعد المريض على التخلص من المرض، وأيضا المشي أثناء اليوم لامتصاص كمية كبيرة من ضوء الشمس، وأيضا عمل جلسات العلاج النفسي المعرفي السلوكي، ويفضل أن تكون تحت إضاءة فلورسنت لعدة دقائق، وإذا لم تتوفر هذه الإضاءة فتكون تحت إضاءه قوية، وقد تحتاج الحالة إلى العلاج الكيميائي كمضادات الاكتئاب تحت إشراف الطبيب النفسي المختص. وأضاف أنه يجب متابعة الحالة مع الطبيب النفسي والأخصائي النفسي للتأكد من القضاء على جميع آثار الكآبة، ومنع تكرارها في الموسم المقبل، وعمل جلسات العلاج النفسي مع قرب دخول فصل الشتاء حتى يمنع حدوثها.