مع اقتراب الانتخابات الفرنسية، لتحديد هوية الرئيس الخامس والعشرين للجمهورية، يتساءل نشطاء ومراقبون حول دور المكون الإسلامي والعربي داخل المجتمع الفرنسي، في التأثير على مجريات الانتخابات، فيما تتزايد موجات الإسلاموفوبيا في عدد من الدول الأوروبية، وبالتزامن مع صعود الأحزاب اليمينية الشعوبية، فضلا عن رفض موجات الهجرة القادمة من مناطق الصراع بشكل عام. وفيما تمتنع باريس عن تقديم إحصاءات رسمية ودقيقة للجالية العربية والمسلمة، بحسب ما ينص قانون الإعلام والحريات الذي يمنع تعداد المواطنين حسب انتماءاتهم العرقية أو الدينية، كشفت وسائل إعلامية أن الإسلام هو الديانة الثانية في فرنسا، وتراوح نسبة معتنقيه بين 3% و8.5% من المجتمع الفرنسي، بواقع 6 ملايين نسمة تقريبا، ينحدر معظمهم من أصول إفريقية وعربية. وبحسب إحصاءات أجرتها صحيفة «لوموند» الواسعة الانتشار، ومؤسسة ايبسوس موري عام 2011، تعد الجالية المسلمة في فرنسا الأكثر التزاما من الناحية الدينية، حيث يوجد في فرنسا 2300 مسجد، ومن المتوقع أن يشكل المسلمون الفرنسيون ربع سكان البلاد بحلول عام 2025. عزوف وانكفاء ترى بعض التقارير أن الجالية المسلمة والعربية في فرنسا لديها عزوف عن المشاركة الفعلية في المناسبات الانتخابية، سواء أكانت رئاسية أو برلمانية أو بلدية، حيث يعانون من عدم منحهم حقوقا متساوية مثل بقية الجاليات. وأشارت التقارير إلى أن أكثر الجاليات عزوفا هي التي تنحدر من الجزائر، وتونس، والمغرب، فيما يرجح بعض الخبراء أن موجات الهجرة الأولى التي عرفتها فرنسا في منتصف القرن الماضي، والقادمة من دول شمال إفريقيا، والتي كانت تعمل في مهن عمالية شاقة بحكم أن أفرادها كانوا من قليلي التعلم، مثل بناء الأنفاق والمباني وسكك الحديد وشركات الصناعات الثقيلة، هي السبب في إكسابها عزوفا نسبيا عن مشاركتها مع المحيط الذي تعيش فيه. سياسة التمييز بحسب مراقبين، فإن سياسة التمييز العنصري في المسكن والتعليم وفرص العمل، أسهمت في عزوف الجاليات العربية والمسلمة في فرنسا عن المشاركة في الحياة الانتخابية والسياسية، حيث يعيش أغلبهم في أحياء شعبية فقيرة متوسطة وضعيفة الدخل، مما منعها من الاختلاط بالآخرين، وأدى لتغييبهم عن المشهد السياسي، فضلا عن تجنيد المجموعات المتطرفة لهم وتغيير أفكارهم تحت أجندات طائفية وعرقية. وبحسب تقديرات مطلعة، تشكل الكتلة الانتخابية العربية والمسلمة في فرنسا مليوني ناخب أو أقل قليلا، وصوت منها لصالح الرئيس الحالي فرنسوا هولاند عام 2012 حوالي 55.5%، فيما عزفت البقية عن المشاركة. وتتوقع تقارير إعلامية عدم استفادة أي مرشح حالي من أصوات الجالية المسلمة والعربية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب صعود اليمين المتطرف المعادي لهم، وارتفاع معدلات الإحباط لدى الجيل الجديد من الجاليات المهاجرة. مما دفع بعض المفكرين الفرنسيين إلى التأكيد على ضرورة الانفتاح على العرقيات والطوائف الموجودة في فرنسا، وإدماجهم مع المجتمع لبناء دولة معاصرة تحترم الحريات والتعدد الثقافي.