لم تكد تمر 24 ساعة على إقرار مجلس الأمن بالإجماع، لمشروع الاتفاق الروسي التركي حول وقف إطلاق النار في سورية، حتى بادرت موسكو بخرق الاتفاق، عندما شنت غارات عنيفة باستخدام الصواريخ الفراغية، في ريف حلب الجنوبي، رغم عدم وجود مقار عسكرية يمكن أن تتحجج بقصفها. وقال ناشطون ميدانيون إن الطائرات الحربية الروسية قصفت منذ ساعات صباح أمس، قرية بنان والمنطار وكفركار بريف حلب الجنوبي، مما أسفر عن وقوع إصابات بين المدنيين، وتدمير عدد من الأبنية والممتلكات، في وقت أعلنت فيه الجهات المدنية في وقت سابق أن المدينة تخلو من أي مقار عسكرية يمكن أن تستخدم في شن الهجمات. وبدوره، واصل النظام وميليشيات حزب الله انتهاك الهدنة بإطلاق النيران على منطقة وادي بردى، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 آخرين، نتيجة القصف المدفعي، فيما يسعى النظام وحلفاؤه لكسب المزيد من الوقت من أجل مباغتة المعارضة المسلحة وإلحاق الهزائم بها حتى لو تطلب الأمر خرقا للهدنة المتفق عليها. خسائر فادحة أقدم انتحاريان على تفجير نفسيهما في منتصف ليل رأس السنة الجديدة في ميناء طرطوس البحري، وقتلا اثنين من رجال الأمن. وقالت مصادر ميدانية، إن رجال الأمن حاولوا إيقاف المهاجمين المشتبه فيهما قبل أن يفجرا نفسيهما على الكورنيش البحري لمدينة طرطوس. إلى ذلك، أحصت بعص التقارير الإعلامية خسائر قوات النظام والميليشيات المساندة له، على يد تنظيم داعش، الذي شن هجومه الأخير على ريف حمص الشرقي في مدينة تدمر الأثرية، وكبّد قوات النظام خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات العسكرية. واستطاع التنظيم المتطرف تدمير ثلاث مروحيات عسكرية، إلى جانب طائرة روسية، وثلاث راجمات صواريخ من نوع "جراد"، وعدد من المدافع وست قواعد إطلاق صواريخ من نوع كونكورس، فضلا عن 49 دبابة مختلفة الأنواع وعدد من الأسلحة والقذائف. هروب قوات النظام بعد قرابة شهر من استيلاء التنظيم على مدينة تدمر وهروب كبار ضباط الأسد والجنود التابعين لهم، تجددت الاشتباكات أمس، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بوتيرة عنيفة بين الجانبين، في محيط منطقة مطار التيفور العسكري ببادية حمص الشرقية وضواحيها، في مسعى لاستعادة المناطق الحيوية التي طوقها التنظيم المتطرف على المدينة الأثرية، ومطار تدمر العسكري، والقلعة الأثرية وقصر الحير الأثري وعدد من الجبال المتاخمة لها. وكان هروب جنود النظام أمام قوات داعش قد أثار غضب القيادة الروسية التي اتهمت جنود الأسد بالجبن، وأكدت أن قوات النظام والميليشيات الطائفية الموالية لها لاذت بالفرار، مع بدء هجوم الدواعش، وتركت الجنود الروس وحدهم، فيما كشفت مصادر إعلامية ل"الوطن" أن هروب قوات النظام جاء نتيجة لتلقي ضباط فاسدين في النظام لرشاوى من عناصر في التنظيم. ترحيب بالإجماع كان مجلس الأمن قد أقر بالإجماع في ساعة متأخرة مساء أول من أمس، على قرار وقف إطلاق النار في سورية، في الوقت الذي هددت فيه بعض الجماعات التابعة للمعارضة السورية المسلحة بالتخلي عن الهدنة في حال تواصلت الانتهاكات من قبل قوات النظام والميليشيات التابعة له. وتأتي هذه الهدنة الجديدة، بعد هدنتين سابقتين لم تحققا وقفا شاملا لإطلاق النار في البلاد، بسبب الانتهاكات المتكررة، فيما تسعى كل من روسيا وتركيا إلى سحب البساط من تحت إيران من خلال إرضاخها لسحب ميليشياتها من البلاد تمهيدا لإطلاق تسوية سياسية في الأيام المقبلة. واتهمت فصائل تنتمي للجيش السوري الحر، قوات الأسد والميليشيات الإيرانية وعلى رأسها حزب الله اللبناني، بمحاولتهم كسب مزيد من الوقت للسيطرة على مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في وادي بردى شمال غربي دمشق، وهي المنطقة التي لم تسلم من قصف النظام وبطشه منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.