أكد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي ألا حضارة لأمة من دون ثقافة، ولا يتحقق للأمم النهوض إلا بها، فهي المعيار الحقيقي للنهوض. جاء ذلك في كلمة ألقاها في المؤتمر الصحافي الذي عقد في أبوظبي أمس لإطلاق التقرير العربي التاسع للتنمية الثقافية، تحت عنوان "الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون: السياسات، المؤسسات، التجليات"، تحت رعاية وحضور وزير الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان . وعقد المؤتمر في منتجع سانت ريجيس في أبوظبي، بحضور رئيسة هيئة البحرين للثقافة والتراث الشيخة مي آل خليفة، النائب في البرلمان اللبناني السيدة بهية الحريري، المدير العام للمؤسسة البروفسور هنري العَويط، وأعضاء مجلسَي الأمناء والإدارة والأعضاء المشاركين في مؤسسة الفكر العربي، ونخبة من كبار المفكرين والمثقفين والأكاديميين والدبلوماسيين وكبار الإعلاميين. اقتدوا بمنجزات الخليج وجه الفيصل تحية إلى الشيخ نهيان بن مبارك، وحضور المؤتمر قائلاً "لا عطر بعد عُرس، بعد أن سمعنا الكلمة الراقية لمعالي الشيخ مبارك، والتي تفي الموضوع حقه، لم يعُد لي مجال إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسهم في هذا التقرير من مفكرين ومثقفين في دول الخليج والوطن العربي كله". وقال الفيصل إن مجلس التعاون الخليجي ودولة الإمارات العربية المتحدة نموذجان مشرفان عربيا، مطالبا بالاقتداء بما أنجزت من أعمال "لا تزال تجدد نفسها". وشدد على أهمية الحماية الفكرية التي تعتمد على ثقافة المجتمعات والدول، مستبعداً وجود مؤامرات ضد العرب، بل دراسات تتداولها وسائل الإعلام. ودعا إلى قراءة واستيعاب ما ينشر في الإعلام، معلنا انتهاء عصر القائد الأوحد "نحن في مستوى من الفكر يمكن الأفراد من التمييز بين البرنامج التنموي والشعار السياسي.. نحتاج تكاملا بين الثقافة والوعي والحضارة". وعبر الأمير خالد الفيصل عن أمله في أن يسهم التقرير في تطوير العمل الثقافي العربي، رابطا بين تحقيق النهوض للأمة والوطن وحتى السياسة والاقتصاد، وبين الثقافة باعتبارها المعيار الحقيقي لذلك. خطوة مهمة أشار وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في كلمته إلى أهمية التقرير السنوي لمؤسسة فكر، نظراً لتركيزه على الدراسة الشاملة والبحث الهادف حول الجوانب الثقافية والفكرية للمنطقة العربية. ووصف التنمية الثقافية بأنها "جزء أساسي في تنمية المجتمع، ومطلب مهم لتحقيق تقدم اقتصادي - اجتماعي ناجح ومستدام، موضحاً أن التقرير يمثل خطوة مهمة في تعميق إدراك بأن التنمية الثقافية جزء أساسي في التنمية الشاملة، ومؤكداً على ضرورة الابتكار الثقافي والفني لبناء مجتمع المعرفة في الخليج. وأكد أن لدى دول الخليج الإمكانات كافة التي تصنع قادة ورواداً في الابتكار الثقافي والاستثمار الناجح في النشاط الثقافي والإبداعي عالمياً. ودعا إلى الالتفات إلى أهمية التخطيط الرشيد لمختلف جوانب التنمية الثقافية، إذ إن نجاحها كما جاء في التقرير، يتطلب تضافر الجهود من الجميع والعمل المشترك من كافة المؤسسات والأفراد والقطاعات الحكومية والخاصة في المجتمع، مشددا على أهمية الانفتاح الثقافي على العالم، وتسليط الضوء على العلاقة التبادلية بين التعليم والثقافة. وختم بتهنئة الأمير خالد الفيصل على إصدار هذا التقرير القيم، آملا أن يسهم في تسليط الضوء على الجهود المبذولة لتطوير التنمية الثقافية في دول الخليج، على طريق بناء مجتمعات ناجحة تقوم على الإبداع، والابتكار، والمعرفة. تقارير جديدة ذكر المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العَويط، أن المؤسسة تدرس إطلاق أكثر من تقرير عن قضايا وشؤون الوطن العربي في الوقت الراهن، حيث غطت التقارير السابقة مجموعة من القضايا، بينها البحث العلمي، الربيع العربي وفرص العمل، لافتاً إلى أن التقرير يوصي بجمع المبادرات الثقافية في الوطن العربي لتضاعف ثمارها. وبحسب العويط فإن المؤسسة رأت في إطلاق التقرير تكريماً لمجلسَ التعاون في الذكرى الخامسة والثلاثين لإنشائه، ودولةَ الإمارات في الذكرى الخامسة والأربعين لقيامها.. وأكد أن المؤسسة اختارت إعادة اكتشاف النشاط الثقافي عبر بوّابة الحياة الثقافية “لاقتناعنا الراسخ بأنّها الأصدق تعبيراً عن تاريخه، تراثه، أصالته، آماله وتطلّعاته”. وأوضح أن المكتبة العربيّة لا تزال تفتقر إلى دراسة وافية حول الأوضاع الثقافية للدول، والتي من شأنها رسم تصور متكامل عن مبادراتها وإنجازاتها، وما تثيره من إشكاليّات وما تواجهه من تحدّيات. وكان العويط تناول في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الأبواب الثلاثة التي يتضمنها التقرير، إذ يتمحور الباب الأول حول السياسات والاستراتيجيات الثقافية في دول مجلس التعاون، أما الباب الثاني فيعنى بالتعريف بأبرز المؤسسات والهيئات الثقافية، فيما يرمي الباب الثالث والأخير إلى الكشف عن المشهد الإبداعي الخليجي عبر القصة، والرواية، والشعر بنوعَيه الفصيح والعامي، والدراسات النقدية، والسينما، والمسرح، والفنون البصرية، وهي المجالات التي تسمح بالتعرف إلى تجليات النهضة الثقافية الخليجية. قضايا تراثية في 36 ورقة عمل يتضمن التقرير 36 ورقة عمل تسلط الضوء على قضايا تراثية منوعة، بينها ورقة عمل حول السياسة الثقافية في الإمارات وأخرى في قطر، البحرين، السعودية، كما تتضمن الأوراق مواضيع المشهد الشعري وأنثروبولوجيا الإنسان الخليجي. وتتناول الأوراق تحولات القصيدة العامية والجوائز الأدبية والتنمية الثقافية في دول الخليج والنص الشعري الخليجي ومعارض الكتب والأندية الأدبية والمسرح الخليجي والترجمة وأحوالها. تطوير للتنمية الثقافية يركز التقرير التاسع لمؤسسة الفكر العربي على العلاقة التبادلية بين التعليم والثقافة من جهة، وبين النجاح من جهة أخرى، في إيجاد نظام فعال للتعليم ومستوى التنمية الثقافية مجتمعياً. ويوضح التقرير أهمية التنمية الثقافية الناجحة في دول الخليج، بالإشارة إلى ضرورة توحيد الجُهود والعمل المشترك بين الأفراد والمؤسسات، إلى جانب المؤسسات الحكومية والخاصة في المجتمع. ويسلط التقرير الضوء على التعاون والتنسيق بين دول المنطقة، نظير التشابه القائم بينها في المقومات الثقافية والمجتمعية والظروف الحياتية. يسهم التقرير في تفهم أبعاد العلاقة بين التنمية الثقافية الوطنية وتطور العولمة التي نشأت نتيجة طبيعية لمتغيرات عدة في السياسة، الاقتصاد، العلوم والمعارف، التقنيات وَوسائل الاتصال الحديثة. من الاستراتيجيات إلى الإبداع يدور الباب الأول حول السياسات والاستراتيجيات الثقافية في دول مجلس التعاون، ويرمي في جزئه الأول إلى استكشاف السياسات الثقافية المعتمدة في كل دولة من الدول الست، عرضا وتقييما لهذه السياسات واستشرافا لمستقبلها. وجرى التمهيد لفصوله الستة ببحث نظري مسهب تم فيه التعريف بمفهوم السياسة الثقافية، واستعراض تاريخ نشأته وتطوره، وتعيين الأهداف التي ترسم في العادة لهذا النمط من السياسات. أما الباب الثاني فيُعنى بالتعريف بأبرز المؤسسات والهيئات الثقافية، من حكومية وغير حكومية، وأدوارها، ونشاطاتها، وإنجازاتها، مستعرضاً مراكز الأبحاث والدراسات، وجمعيات اللغة العربية، والأندية الأدبية، والمراكز الثقافية. كما يستعرض الباب جوائز الإبداع، ومعارض الكتب، والمتاحف، ودور المخطوطات، وبعثات التنقيب عن الآثار، وحركة الترجمة، وإصدارات الطوابع، والإعلام الثقافي الذي تتولاه الدوريات والملاحق والصفحات والقنوات المتخصصة. ويسلط الضوء على مشاركة المرأة في الحياة الثقافية، كما رَصَد عينة من أصداء الحياة خارج منطقة الخليج في المنظمات والمحافل الدولية التي تسعى دولُه إلى إثبات انفتاحها عليها وتأكيد حضورها الثقافي فيها. ويرمي الباب الثالث الأخير إلى الكشف عن المشهد الإبداعي الخليجي عبر القصة، والرواية والشعر بنوعَيه الفصيح والعامي، والدراسات النقدية، والسينما، والمسرح، والفنون البصرية.