لم يعد مفاجئا أن تصدمك صور يطغى فيها لون الدم الأحمر القاني على ما سواه على الرغم من أن الخلفية هي ملعب لمباراة كرة قدم. وتبدو هذه الصور انعكاسا طبيعيا لانتشار ثقافة العنف في كرة القدم.. وهو انتشار يرفض قيود الموطن المحدد أو الجغرافية واضحة الملامح والحدود، حيث ينتقل من مكان إلى آخر مثل الوباء... فبالأمس القريب سقط نحو 14 مصابا في أحداث عنف في مباراة إيطاليا وصربيا في 12 أكتوبر 2010 ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الأوروبية المقبلة.. وقبلها بنحو تسعة أيام فقط سقط رجلا أمن مصريين مثخنين بالجراح في مباراة الترجي التونسي والأهلي المصري لحساب ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا في استاد القاهرة بعدما اعتدت جماهير الترجي على 13 رجل أمن مصري كانوا يواكبون المباراة في مهمة رسمية. ولم يقتصر الأمر على عنف مصاحب لمواجهات فرق تنتمي إلى دول مختلفة، بل امتد حتى إلى جماهير ذات البلد تبعا لاختلاف الميول، ووصل إلى أروقة المحاكم، والبرلمانات، ومقار الحكومات.. كما زاد الأمر ليصل حدود العنف اللفظي الذي وصل إلى مستوى تلويح شخصية رياضية اعتبارية سعودية بأنه كان سيذبح ابنه لو كان ميول هذا الابن للنادي المنافس. ويرى كثير من المراقبين أن ما تشهده الساحة الرياضية المحلية من تعصب، ومهاترات كلامية، وشد وجذب يرسل إشارات تنذر بالخطر وتهدد بالتصعيد ليصل مرحلة العنف الجسدي والاعتداءات المتبادلة إذا لم يتم الانتباه له، ولم يراع فيه ضروة التعامل الواعي الذي يعيد الرياضة إلى إطارها اللازم بدل أن تتحول إلى ساحات للمعارك. ويرى أستاذ علم النفس الرياضي الدكتور صلاح السقا أن تحول الرياضة نحو العنف كان انعكاسا لتحول مفهومها وانحصاره فقط في الفوز والخسارة، وتصوير الفائز على أنه البطل دون اكتراث بالجهد الذي يبذله الخاسر، كما ساد فيها مفهوم أن "الرياضة باتت بديلة للحروب بين الشعوب، وبالتالي ألغيت كل القيم التي تحملها".