أتت شاحنات محملة بالطماطم (البندورة) الرخيصة والمغطاة بملصقات الدعاية لمرشح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر عبد الغني الجمال حي بولاق أبو العلا الفقير في القاهرة لتبرز أكثر ما يقلق المصريين مع بدء الدعاية غير الرسمية للانتخابات البرلمانية التي تجرى الشهر القادم. ومع وصول نسبة التضخم في أسعار السلع الغذائية إلى 22 % وزيادة أسعار الطماطم إلى ما بين 10 و12 جنيها للكيلو وهو ما يزيد على مثلي أو 3 أمثال ثمنها قبل بضعة أشهر لا يساور الجمال أي شك في أن شاحنات الطماطم ستقوده إلى فوز مضمون في دائرة بولاق أبو العلا. وقال الجمال "نحن في الحزب الوطني الديمقراطي نقوم بحملة انتخابية تفيد الناس , وعندما وجدنا الطماطم سعرها زاد قررنا نوفرها للناس بسعر أقل" . وبينما يقترب الرئيس المصري حسني مبارك (82 عاما) من عامه ال30 في الحكم تركز جماعات المعارضة على الدعوة للإصلاح السياسي لكن يبدو أن أغلب المصريين العاديين يهتمون بأسعار الطعام أكثر مما يهتمون بقضية الإصلاح. وتجمع بعض سكان المنطقة حول الشاحنات للحصول على أكياس طماطم زنة كل منها كيلوجرام بسعر 3,5 جنيه فقط. وتبدأ الدعاية الانتخابية الرسمية في أوائل تشرين الثاني. ومنعت اللجنة المشرفة على الانتخابات حزب الوفد من بث دعايته الانتخابية على التلفزيون قبل هذا الموعد لكن ذلك لم يمنع مرشحي الحزب الحاكم مثل الجمال من البدء في حشد أصوات الناخبين. ويقول الجمال إن تخفيف عبء أسعار الطعام عن كاهل أبناء دائرته يضمن له الفوز أكثر مما قد يفعل أي عدد من الملصقات أو اللافتات. لكن هذا الأسلوب لا يتفق معه كثيرون. ويقول أحمد أبو النجا الذي يعمل نادلا في مقهى "أنا لن انتخب أي أحد مهما عمل. هو يعمل هذا حتى أعطيه صوتي وبعد ذلك لن أراه مرة أخرى. هذه هي الحقيقة والله" . ويقول منتقدون للحكومة إن القواعد الحاكمة للسياسة المصرية يجب أن تتغير لتمنح أي شخص من خارج الحزب الوطني الديمقراطي فرصة عادلة. لكن الدعوات للاحتجاج لا تلقى استجابة أكثر من بضع مئات تفرقهم قوات الأمن بسرعة. لكن ارتفاع أسعار الطعام وقضية الدعم موضوع مختلف, فقد اندلعت أعمال عنف عام 2008 مع الارتفاع العالمي في أسعار السلع الغذائية الأساسية مما أدى إلى زيادة أسعار الخبز وخفض الدعم. وردت الحكومة التي باغتتها هذه الزيادة بحملة أمنية صارمة ثم وعدت بعد ذلك بزيادة الرواتب بنسبة 30 % وبعد زيادة الأسعار مجددا هذا العام بادر الوزراء بطمأنة المواطنين بتوفير السلع الغذائية. لكن محللين قالوا إن الحكومة لا تتعامل بسرعة كافية مع مشكلات النقص في بعض السلع وهو ما يعود في جزء منه إلى وجود نظام واسع النطاق للدعم, وتخشى الحكومة خفض الدعم على الرغم من أنها بدأت بالفعل نظاما الكترونيا لاستهداف فئات بعينها بالدعم الذي تقدمه. وقال نبيل عبد الفتاح المحلل السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية "نحن أمام ظاهرة بالغة الخطورة, الحكومة بدلا من أن تقوم بعمل سياسات لمعالجة المشكلات الناجمة عن نقص سلع معينة يستغل أعضاؤها الموقف لشراء أصوات الناس" . ويشكو العديد من المصريين من أن سياسة التحرير الاقتصادي منذ عام 2004 الذي رفع نسبة النمو إلى ما يزيد على 5 % وأشادت به جهات دولية لم يصل إلى الفقراء والمهمشين. لكن كل ذلك لم يمنع مرشحي الحزب الحاكم من استغلال ارتفاع الأسعار لمصلحتهم. ومن المتوقع أن يهيمن الحزب الوطني على السباق الانتخابي وسط شكاوى معتادة من جانب المعارضة والجماعات الحقوقية بأن الانتخابات شابتها مخالفات, لكن الانتخابات ما زالت تخضع لمتابعة دقيقة لمعرفة مدى ما ستسمح به السلطات من هامش للمعارضة قبل الانتخابات الرئاسية في 2011 عندما يترقب الجميع إذا ما كان مبارك سيسعى لولاية جديدة.