لعقود طويلة استقبل المديح ووميض الأضواء بالابتسامات، لكن أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه أصبح الآن يريد الهدوء والابتعاد عن الأضواء للاحتفال بعيد ميلاده السبعين اليوم. وصرح بيبيتو فورنوس المتحدث الرسمي باسم بيليه "سيحتفل بيليه بعيد ميلاده السبعين بنفس الطريقة التي احتفل بها بأعياد ميلاده ال69 السابقة، مع أسرته وحسب". وبعدما واجه أعدادا هائلة من الطلبات المقدمة إليه للمشاركة في استقبالات وإجراء مقابلات، رد بيليه على كل ذلك بخطاب واحد، قال فيه "إخواني الأعزاء: أشكركم على الدعوة ولكن أفضل هدية أتلقاها عندما أبلغ السبعين من عمري هي أن أكون بصحة جيدة وأن أنال تقدير وحب كل من ساندوني وشجعوني طوال هذه السنوات في كافة أنحاء العالم". ولكن نبرة التواضع والابتعاد عن الأضواء هما صفتان جديدتان تماما على بيليه الذي عادة ما يتحدث عن نفسه بصيغة الغائب ويصر على أنه أفضل لاعب في التاريخ ويرفض أي مقارنة بينه وبين خصمه ومنافسه اللدود على هذا اللقب النجم الأرجنتيني دييجو مارادونا. وقال بيليه في مقابلة حديثة معه "عندما أذهب إلى الأرجنتين أقول لهم: فلتعرفوا أولاً من الأفضل في الأرجنتين وبعدها لننظر من هو الأفضل في العالم"، مشيراً إلى أن ألفريدو دي ستيفانو لسنوات طويلة كان يعد اللاعب الأفضل في تاريخ الأرجنتين. وكانت أكثر اللحظات مرارة في الخلاف القائم بين أسطورتي كرة القدم العالميتين في عام 2000 عندما قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إجراء تصويت على الإنترنت لاختيار أفضل لاعب في القرن العشرين. وفاز مارادونا في هذا التصويت بفارق كبير ولكن الفيفا أجرى تصويتا مماثلا في اللحظة الأخيرة بين خبراء اللعبة الذين منحوا بيليه جائزة مماثلة لجائزة مارادونا. وولد إدسون أرانتيس دو ناسيمينتو الشهير ببيليه في 23 أكتوبر عام 1940 في بلدة تريس كوراكويس بولاية ميناس جيرايس، وبعدها انتقل مع أسرته إلى مدينة باورو بولاية ساو باولو. وفي ال16 من عمره لعب بيليه مبارياته الأولى مع نادي باولو أتلتيكو والذي لقب خلال اللعب معه باسم بيليه. ويقول بيليه "في البداية لم يعجبني هذا اللقب فقد كان اسمي إدسون، حتى إنني تشاجرت مع صبي آخر بسبب هذا الاسم في المدرسة وتم استبعادي لمدة يومين، وبعد كل ذلك بدأ الأولاد الآخرون في مناداتي ببيليه". وبعد شهور معدودة من الانضمام إلى باورو لفت بيليه أنظار نادي سانتوس العملاق والذي أصبح من خلاله أسطورة عالمية حيث كان بيليه نجم سانتوس في "العصر الذهبي" للنادي البرازيلي عندما ظل الفوز حليفا له طوال 15 عاما أحرز خلالها لقب ولاية ساوباولو عشر مرات ولقب كأس البرازيل خمس مرات ولقب كوبا ليبرتادوريس مرتين ولقب كأس إنتركونتيننتال مرتين. وكانت ذروة مشوار بيليه في الملاعب عندما أحرز هدفه رقم ألف الذي سجله من نقطة الجزاء باستاد "ماراكانا" في ريو دي جانيرو في 19 نوفمبر عام 1969 وأهدى "أوري" أو الملك هذا الهدف إلى الأطفال. وفي عام 1976 انتقل بيليه إلى الولاياتالمتحدة حيث انضم لنادي نيويورك كوزموس من أجل مواصلة اللعب من ناحية وللترويج لكرة القدم في السوق الأمريكية المربحة من جهة أخرى. ومن هذه النقطة ولد رجل الأعمال بيليه، فقد اكتشف اللاعب البرازيلي القوة التجارية الهائلة التي تتمتع بها صورته ليبدأ في توقيع العقود مع الشركات الدولية الكبيرة. وهذه العقود تضمن حالياً الراحة المادية لكل من بيليه وأسرته الكبيرة التي تضم خمسة أبناء من زوجتين، روزماري تشولدبي وأسيريا ليموس، إلى جانب ابنتين أخريين ولدتا من علاقات عابرة من بينهما ابنته ساندرا ريجينا التي توفيت بمرض السرطان في عام 2006. وتناولت وسائل الإعلام البرازيلية حياة بيليه وأعماله بإسهاب في الآونة الأخيرة حيث أبرزت معظم هذه الوسائل الخصومة الثنائية بينه وبين مارادونا على زعامة كرة القدم العالمية. ولكن في البرازيل نفسها على الأقل لا جدال حول الفائز بينهما في هذه الخصومة، بداية من أكثر الرجال تواضعاً في الشارع إلى أكثر المدربين السابقين خبرة ماريو زاجالو.. الجميع يتفقون على أنه حتى الآن لم يظهر مرشح حقيقي قادر على انتزاع عرش كرة القدم العالمية من "أوري".