على الرغم من استحواذها على اهتمام كثير من وسائل الإعلام، فإن الصحفية اليمنية ذكرى العراسي التي ألقت حذاءها باتجاه حمزة الحوثي خلال مؤتمر صحفي كان يتحدث به باسم الحوثيين في جنيف، ترى أن حذاءها ذاك كان يتحدث بمستوى عقلية الحوثي، ومستوى تراجيديا الموقف، حيث لم يرق لها أن يمنح شخص مثله فرصة الحديث عن اليمن أو باسم اليمن، وأن يُعطى المساحة لينتقد عاصفة الحزم ويتهمها زوراً وبهتاناً بقتل الأبرياء، فكان أن ردت عليه بما يليق به حسب قولها. وفي 18 يونيو 2015، كان رئيس الوفد الحوثي لمفاوضات جنيف الخاصة باليمن حمزة الحوثي يتحدث في مؤتمر صحفي بحديقة الأممالمتحدة، أمام كاميرات التصوير، ويلقي معلومات مغلوطة، وحين وصل به الأمر حد الاتهام "عاصفة الحزم" وقوات التحالف ب"قتل الأبرياء واستخدام أسلحة ممنوعة دولياً" ردت عليه العراسي مقاطعة بإلقاء حذائها ليسقط على صدره، فأجبرته على الصمت، واضطر للرد بإعادة قذف الحذاء نحوها، فيما بادر فريقه للاشتباك والاعتداء على العراسي وعلى بقية المحتجين، لكن الأمر لم يتوقف هنا، فقد كشف الحذاء مغالطات الحوثي حتى أنه منع من دخول سويسرا، وحرم من الحصول على تأشيرة دخولها مرة أخرى. وذكرى العراسي صحفية تعمل بصحيفة "الأيام" اليمنية، وقد كشفت ل"الوطن" بعد مرور قرابة العام على الحادثة عن كثير من الحقائق والأسرار المتعلقة بتلك الحادثة وتبعاتها، وما دار في كواليسها، مروراً بالمستشفى، ووصولاً إلى منع الحوثي من دخول سويسرا مرة أخرى، ومحاولاته للانتقام منها عبر كمين قذر دأب الحوثيون على اللجوء إليه. رمي الحذاء حادثة عفوية كشفت كذب موفد الانقلابيين تقول العراسي ل"الوطن" "أعمل صحفية، وبهذه الصفة حضرت مؤتمر جنيف، وأجريت لقاءات عدة مع وزير الخارجية السابق رياض ياسين وشخصيات أخرى، وحادثة الحذاء جاءت قبل ختام المؤتمر بيومين وتحديداً في 18 يونيو، وكانت عفوية، فلم يطرأ لي الحذاء أبداً، وربما كثيرون كان يمكن أن يتصرفوا مثلي من زاوية عاطفية، فإخوتي وأقاربي قتلوا وشردوا ودمرت منازلهم، وكان ذلك في كفة، أما في الكفة الأخرى فكان منح الحوثيين فرصة أن يكونوا طرفاً بالحوار وأن يأخذوا أكبر من حجمهم، وقد منح حمزة الحوثي أهمية بحيث يحاور ويتحدث باسم اليمن، وهذه كارثة وجريمة. هذه التراكمات والمعطيات كانت مؤثرة جداً في مشاعري، وقد استمعت له، وعندما وصل للحديث عن عاصفة الحزم واتهامها بارتكاب جرائم حرب واستخدامها أسلحة محظورة دولياً، إضافة إلى أكاذيب أخرى يستمع إليها معنا أجانب حاضرون في المؤتمر، وهم يعتقدون أنه حينما يكون هناك مؤتمر فإن المتحدث فيه يكون صادقاً، ولذا كان لا بد أن يتحدث حذائي بمستوى عقليته، حيث قذفته عليه لأوقف كذبه، وليكون حذائي رسالة لأن هؤلاء الحوثيين لا يفهمون لغة الحوار، كما قصدت عمداً أن أهينهم أمام العالم، لأنني أعرف أن رمي امرأة الحذاء يعد أمراً كبيراً بحق رجل يعد نفسه من القبائل، وعمدت أيضاً إلى لفت أنظار العالم كي يتساءل لماذا رمت تلك المرأة الحذاء؟ وما هي قصتها؟، انظروا لوطنها وماذا يعاني؟، أردت أن أقول إن الحوثي هو الذي يقترف القتل الجماعي والتفجيرات في اليمن، وبالفعل التقى معي كثيرون، وسمعوا لأقوالي، وانتبه العالم إلى معاناتنا". وتضيف "لو قاطعت حمزة الحوثي، أو رفعت يدي طلباً للحديث، أو حتى اعترضت قولاً على أقواله لما انتبه أحد للقضية، ولم أكن حينها قد رتبت لرميه بالحذاء، بل كان الأمر حرقة مفاجئة ورداًَ سريعاً على إهانتهم، وأنا أعرف أنهم لا يتأثرون بالكلام، لذا كان الرمي بالحذاء لغة تخاطب جيدة معهم وواضحة ووصلت أكثر مما كنت أتوقع". الوفد الحوثي يرد باللكمات والحيلة تقول العراسي "بعدما رميت الحذاء، رفعه حمزة الحوثي عن صدره، ورماه باتجاه رأسي، لأجد شخصاً قربي يوجه لي لكمة قوية، وألفاظاً خارجة عن الأدب، وحين بدأت أنزف صاح الحوثي بأصحابه المعتدين "لا أحد يعسها" بمعنى لا يضربها أحد، وبدأ الدم ينهمر على وجهي، واشتعلت الاحتجاجات والصيحات داخل القاعة، وتساقطت الكاميرات، ونقلني زميل إعلامي موريتاني إلى المستشفى حيث مكثت أسبوعين أراجعها". وتتابع "أثناء وجودي بالمستشفى حضرت امرأة اسمها فائقة السيد، وكانت ضمن مجموعة رئيس الوزراء الأسبق أبو بكر القربي، وبحكم أنها من عدن قالت إنها تعرف عائلتي، وتعرف بعض أقاربي، لكنها كانت وسيلة استخدمها الحوثيون للانتقام مني، ونسقت لمقابلتي وكنت خائفة، ورفض الطبيب المقابلة، فبادرت للاتصال بي هاتفيا من رقم غريب لتشيد بموقفي وتمتدحني في محاولة لاستمالتي، وبعد البحث عن الرقم المجهول المتصل الذي تحدثت منه تلك المرأة، اتضح أنه ليمني مقيم في سويسرا اسمه فتحي، كان يترجم للحوثيين في المؤتمر، واعترف بعد ذلك بالحقيقة إثر الإبلاغ عن الرقم للجهات الرسمية السويسرية، وتم اتخاذ الإجراء الرسمي ضده، ومنعه من الاتصال بي". وتكمل "كنت بعد ذلك في وضع نفسي قلق جداً ومتعب، وقد سجلت بلاغاً رسمياً للجهات السويسرية بجنيف مرفق بتقرير طبي، وطلبت الجهات المعنية الفيديوهات الموثقة للحادثة، وتساءلوا "لماذا العرب هكذا؟"، فأبلغتهم أن هؤلاء لا يمثلون العرب، بل هم وصمة عار على العرب، وقالوا لي "كان يفترض ألا يرد عليك برمي الحذاء فوق رأسك، وألا يعتدي رجاله عليك. واكتمل ملف القضية لدى السلطات السويسرية التي أصدرت قرارا بمنع حمزة الحوثي من دخول سويسرا، فقد كانوا يعدون الحوثيين طرفاً في الحوار لكن الأمر انقلب بعد ذلك واعتبروهم ضمن المنظمات الإرهابية، وقد اتصلت بي السلطات السويسرية قبل اجتماع جنيف 2 ونبهوني وطلب أن أحاول عدم التواجد بأماكن تواجدهم". تساهل سويسري وحذاء يساوي الكنوز شددت العراسي على أنها وجدت تساهلاً وتفهما ومعاملة طيبة من السويسريين، وقالت "بذلت جهداً كبيراً لحضور الجلسات الأخيرة لحقوق الإنسان، وفي الجلسة النهائية تحديداً حرصت على الحصول على تصريح من السلطة السويسرية يستغرق عادة قرابة 3 أسابيع لعمل وقفة احتجاجية ضد الحوثيين، لكن السلطات منحتني التصريح في يوم واحد فقط، وعرضت 26 صورة لانتهاكات الحوثيين وصالح والدول الداعمة لهم والتدخل الإيراني ودعمه للحوثيين، وحضر كثيرون وشاركوا". وتضيف "لا أنتظر كلمة شكر أو امتنان من أحد، كما لا أستبعد أن يؤذيني الحوثيون حتى في جنيف، لأنهم يتعاملون بقذارة، لكنني استودعت نفسي وأولادي لله". وبيت العراسي أنها لن تفرط بحذائها الذي ضربت به الحوثي حتى لو دفعوا لها مقابله كنوز الدنيا، وقالت "تلقيت اتصالا من وزير الخارجية اليمني السابق رياض ياسين وسفير قطر في جنيف والسفير السعودي في اليمن". وختمت "تبقى عاصفة الحزم وبعد مرور عام عليها قراراً بطولياً، والملك سلمان رجل يعجز الكلام عن وصفه، وقراره أنقذ اليمن ولولاه لكان نسياً منسياً".